يكون السؤال والجواب من غير توقف، أو: وما لبثوا بالمدينة بعد ارتدادهم إلا يسيرًا، فإن الله يهلكهم. والمعنى: أنهم يتعللون بإعوار بيوتهم، ويتمحلون ليفروا عن نصرة رسول الله ﷺ والمؤمنين، وعن مصافة الأحزاب الذين ملؤوهم هولًا ورعبًا؛ وهؤلاء الأحزاب كما هم لو كبسوا عليهم أرضهم وديارهم وعرض عليهم الكفر وقيل لهم: كونوا على المسلمين؛ تسارعوا إليه وما تعللوا بشيء، وما ذاك إلا لمقتهم الإسلام، وشدة بغضهم لأهله، وحبهم الكفر، وتهالكهم على حزبه.
[(وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا الله مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ الله مَسْؤُلاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)] ١٥ - ١٦ [
عن ابن عباس: عاهدوا رسول الله ﷺ ليلة العقبة أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم. وقيل: هم قوم غابوا عن بدر، فقالوا: لئن أشهدنا الله قتالًا لنقاتلنّ. وعن محمد بن إسحاق: عاهدوا يوم أحد أن لا يفرّوا بعد ما نزل فيهم ما نزل. (مَسْؤُلًا): مطلوبًا مقتضًى حتى يوفى به. (لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ) مما لا بدّ لكم من نزوله بكم من
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: ((لو كَبَسوا عليهم)، أي: تغلَّبوا للإغارةِ فُجْأة. الأساس: أي: اقتَحموا عليهم وسَمِعْتُهم يقولون: أدخله بالكبس؛ إذا قَهَرَه وأذلّه.
قولُه: (نزلَ بهم ما نزل)، أي: من الهزيمةِ وقَتْلِ سَبْعين منهم وما حصَلَتْ فيهم من المُثْلَة وشَجَّ رسولِ الله ﷺ وكَسْرِ رَباعِيَتهِ. وذلك مِن مُخالفةِ أمْرِ رسولِ الله ﷺ وتَرْكِهم المركزَ ومَيْلِهم إلى الدنيا وطَلبِ الغنيمة.
قولُه: (مطلوبًا مُقْتضى)، يقال: اقتضى حَقّه، أي: تقاضاه. الأساس: تقاضَيْتُه دَيْني، وبدَيني، واقتضيتُه، واقتضَيْتُ منه حَقِّي: أخذتُه.


الصفحة التالية
Icon