والمؤتسي برسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان كذلك.
[(وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ قالُوا هذا ما وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلاَّ إِيماناً وَتَسْلِيماً)] ٢٢ [
وعدهم الله أن يزلزلوا حتى يستغيثوه، ويستنصروه في قوله: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَاتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ)] البقرة: ٢١٤ [فلما جاء الأحزاب وشخص بهم واضطربوا ورعبوا الرعب الشديد (قالُوا هذا ما وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ)، وأيقنوا بالجنة والنصر. وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال النبي ﷺ لأصحابه: "إنّ الأحزاب سائرون إليكم تسعًا أو عشرًا، أى: في آخر تسع ليال أو عشر، فلما رأوهم قد أقبلوا للميعاد قالوا ذلك. وهذا إشارة إلى الخطب أو البلاء. (إِيماناً) بالله وبمواعيده (وَتَسْلِيماً) لقضاياه وأقداره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (والمُؤْتسي)، هو المبتدأُ، والخبرُ ((مَنْ كان كذلك))، والجملةُ معطوفةٌ على جملة: ((قَرَنَ الرجاءَ بالطاعاتِ الكثيرةِ))، المعنى: مَنْ كان مُقْتديًا بسُنَّةِ رسولِ الله ﷺ ومُقْتفيًا آثارَه يَنْبغي أن يخافَ اليومَ ويتوفَّرَ منَ الأعمالِ الصالحة.
قولُه: (وعدَهم اللهُ أن يُزَلْزَلوا حتى يَسْتغيثوه)، تفسيرٌ لقولِه تعالى ﴿لَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [الأحزاب: ٢٢]. قال الزجّاج: الوعْدُ في قولِه: ﴿وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾، وهو قولُه تعالى ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَاتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَاسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤]. ولمّا ابتُلِيَ أصحابُ النبيّ ﷺ وزُلْزِلوا زلزالاً شديدًا علِموا أنّ الجنّة والنصرَ قد وَجبا لهم.
قولُه: (وشُخِصَ بهم)، الأساس: ومِنَ المجازِ: شُخِصَ بفُلانٍ: إذا ورَدَ عليه أمرٌ أقْلَقه.
قولُه: (﴿إيمَانًا﴾ بالله)، مفعولٌ له، أي: قالوا هذا مُشيرينَ إلى الخَطْبِ أو البلاءِ إيمانًا بالله وتسليمًا لقضائِه وَقَدرِه.


الصفحة التالية
Icon