وجهه الاستئناف (سَراحاً جَمِيلًا) من غير ضراٍر طلاقًا بالسنة. (مِنْكُنَّ) للبيان لا للتبعيض.
[(يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَاتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى الله يَسِيراً (٣٠) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً)] ٣٠ - ٣١ [
الفاحشة: السيئة البليغة في القبح، وهي الكبيرة. والمبينة: الظاهر فحشها، والمراد كل ما اقترفن من الكبائر. وقيل: هي عصيانهن رسول الله ﷺ ونشوزهنّ، وطلبهن منه ما يشق عليه، أو ما يضيق به ذرعه ويغتم لأجله. وقيل: الزنا، والله عاصم رسوله من ذلك، كما مرّ في حديث الإفك، وإنما ضوعف عذابهنّ؛ لأن ما قبح من سائر النساء كان أقبح منهنّ وأقبح؛ لأن زيادة قبح المعصية تتبع زيادة الفضل والمرتبة وزيادة النعمة على العاصي من المعصى، وليس لأحٍد من النساء مثل فضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ولا على أحد منهنّ مثل ما لله عليهن من النعمة، والجزاء يتبع الفعل، وكون الجزاء عقابًا يتبع كون الفعل قبيحًا، فمتى ازداد قبحًا ازداد عقابه شدّة؛ ولذلك كان ذم العقلاء للعاصي العالم أشدّ منه للعاصي الجاهل؛ لأن المعصية من العالم أقبح؛ ولذلك فضل حدّ الأحرار على حد العبيد، حتى إن أبا حنيفة وأصحابه لا يرون الرجم على الكافر. (وَكانَ ذلِكَ عَلَى الله يَسِيراً) إيذان بأن كونهن نساء النبي ﷺ ليس بمغن عنهن شيئًا، وكيف يغنى عنهن وهو سبب مضاعفة العذاب؟ فكان داعيًا إلى تشديد الأمر عليهنّ غير صارٍف عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٦]، قال سعيد بن جبير وأبو العالية والزهري: المتعةُ واجبةٌ لكل مُطَلَّقة وفَرَّقَ هاهنا بين الواجبَيْن بأن قال في الأول: ((يقضي به السلطان))، أي: يُجبِرُ عليه، وفي الثاني: ((حَقٌّ على المتَّقين))، وأتْبَع ذلك حُكْمَ شُرَيْحٍ: ((مَتِّعْها))، ولم يُجبره.


الصفحة التالية
Icon