..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والنساء لقوله: ﴿عَنكُمُ﴾ بالميم، ودليلُ إدخال النساء قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ﴾.
وقلتُ: هذا الحديثُ أخرجَه مسلمٌ عن عائشة مع تغيير يسير، ورَوينا عن أم سلمةَ قالت: إن هذه الآيةَ نزلَتْ في بيتِها ﴿نَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ قالت: وأنا جالسةٌ عند البابِ قلت: يا رسولَ الله ألسْتُ من أهلِ البيت؟ فقال: ((إنّك إلى خير، أنت من أزواج رسول الله))، وفي البيتِ رسولُ الله وعليٌّ وفاطمةُ والحسَنُ والحسينُ، فَجلَّلَهم بكساءٍ وقال: ((اللهمَّ هؤلاء أهلُ بَيْتي فأذهِبْ عنهم الرجْسَ وطَهِّرْهم تطهيرًا)) أخرَجه رَزينٌ، وأخرجه الترمذي، ولم يَزِدْ على: ((إنّك إلى خير)).
اعلمْ أنّ قوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ كالاستئنافِ على سبيلِ التعليل للآياتِ السابقة من لَدُنْ قولهِ: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا﴾، وفيها الحثُّ على مكارمِ الأخلاقِ والردعُ عن رذائِلها، فالواجبُ أن تُعَلَّلَ العِلّةُ بما يدل على التخلية والتحلية. ومن ثَمَّ قال: ((استعار للذنوبِ الرجسَ وللتقوى الطُّهر، لأنّ عِرْضَ المقترفِ للمُقَبّحاتِ يتلوّثُ بها كما يتلوّثُ بدنه بالأرْجاسِ، وأما المُحسَّنات فالعِرْضُ معها نقي كالثوب الطاهر))، شرعَ أولاً في التخييرِ بين الحياتَيْن: الدنيوية والأخروية، وفيه: أنّ راسَ الأرجاسِ محبَّةُ الدنيا، كما أنّ أساسَ الدينِ محبَّة الله ومحبَّة رسوله. وثانيًا في تفصيلِ ما يؤدي إليه المحبتان: المحبةُ الدنيوية تؤدِّي إلى الفاحشة، والأخروية تستدعي القنوت لله والطاعة للرسول. وإنما أخَّر ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ لتكون كالخاتمة التي تشتمل على التخلص إلى نوع آخر من الكلام.


الصفحة التالية
Icon