عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله)، وأن لا يرضى له إلا اتحاد الضمير والظاهر، والثبات في مواطن الحق؛ حتى يقتدى به المؤمنون؛ فلا يستحيوا من المكافحة بالحق وإن كان مرًا. فإن قلت: الواو في (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ)، (وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ) ما هي؟ قلت: واو الحال، أى: تقول لزيد: أمسك عليك زوجك مخفيًا في نفسك إرادة أن لا يمسكها، وتخفى خاشياً قالة الناس وتخشى الناس، حقيقًا في ذلك بأن تخشى الله؛ أو واو العطف، كأنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن قولِه: ((كيف عاتَبه الله في سَتْرِ ما استُهْجِنَ التصريحُ به؟ ))، وقولُه: ((كَمْ من شيء يتَحفَّظُ منه الإنسان)) إلى آخره، توطئةٌ للجواب على وجه كلِّي، وقولُه: ((وتناولُ المباحِ بالطريقِ الشرعيِّ ليس بقبيح)) إلحاقٌ لهذه الصورة المخصوصة بذلك، بدليل قوله: ((وهو خِطبةُ زينب))، وقولُه: ((لأَنّ طموحَ قلبِ الإنسانِ)) إلى قوله: ((غيرُ موصوفٍ بالقبحِ لا بالعقلِ ولا في الشرعِ))، وقولُه: ((لذا كان مباحًا)) إثباتٌ للحكمِ المستلزمِ للمقصودِ في الجواب، وهو قوله: ((فبالحرى أن يعاتبَ الله رسولَه حين كتمه)). هذا تقريرٌ متين، لكنّ قولَه: ((فلا يستحيوا من المكافحةِ بالحق وإن كان مُرًّا)) غيرُ موافقٍ لما قال قَبْلُ: ((كان الذي أرادَ منه عز وجل أن يصمُت)).
قولُه: (وأن لا يرضى له إلا اتّحادَ الضمير)، أي: وبالحرى أن لا يرضي لرسوله ﷺ إلا مطابقةَ ما في ضميره لما في ظاهره، وذلك بأن يخاطب زيْدًا مكافحًا بأنّ زوجتَك ستكون امرأتي وأريد أن لا تُمسكها.
قولُه: (من المكافحة)، الأساس: كافَحه: لاقاهُ مواجهةً عن مفاجأةٍ. ومن المجازِ:
كفَحْتُ الدابة وأكفَحْتُها: تلقَّيْتُ فاها بلِجام.
قولُه: (واو الحال)، الجملةُ الواو فيها للحال على سبيل التداخل، فقولُه: ﴿وَتُخْفِي﴾ حال من المستتر في ﴿تَقُولُ﴾، وإليه الإشارةُ بقوله: ((لزيدٍ مُخْفيًا))، وقوله: ﴿تَخْشَى النَّاسَ﴾ من فاعل ((تُخفي))، وهو المرادُ بقولِه: و ((تُخْفي خاشيًا قالةَ الناسِ))، وقولُه: ﴿وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ﴾ من فاعل ((تخشى الناس))، وإليه أومأ بقوله: ((وتخشى الناس حقيقًا في ذلك بأن تخشى الله)).


الصفحة التالية
Icon