[(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ الله لَهُ سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ الله وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ الله وَكَفى بِالله حَسِيباً)] ٣٩ - ٣٨ [
(فَرَضَ الله لَهُ): قسم له وأوجب، من قولهم: فرض لفلان في الديوان كذا، ومنه: فروض العسكر؛ لرزقاتهم. (سُنَّةَ الله) اسم موضوع موضع المصدر -كقولهم: تربًا، وجندلًا- مؤكد لقوله تعالى: (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ)، كأنه قيل: سنّ الله ذلك سنة في الأنبياء الماضين؛ وهو أن لا يحرج عليهم في الاقدام على ما أباح لهم ووسع عليهم في باب النكاح وغيره، وقد كانت تحتهم المهائر والسراري، وكانت لداود عليه السلام مئة امرأةٍ وثلاث مئة سرية، ولسليمان عليه السلام ثلاث مئة وسبعمئة (فِي الَّذِينَ خَلَوْا): في الأنبياء الذين مضوا. (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ) يحتمل وجوه الإعراب: الجرّ، على الوصف للأنبياء، والرفع والنصب، على المدح على: هم الذين يبلغون، أو على: أعنى الذين يبلغون. وقرئ: (رسالة الله). (قدرا مقدورا): قضاًء مقضيًا، وحكمًا مبتوتًا، ووصف الأنبياء بأنهم لا يخشون إلا الله تعريض بعد التصريح في قوله تعالى: (وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ)] الأحزاب: ٣٧ [. (حَسِيباً): كافيا للمخاوف، أو: محاسبًا على الصغيرة والكبيرة، فيجب أن يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (لرَزَقاتِهم) جمع الرَّزْقةِ، بالفتح، وهو المرة الواحدة، وهي أطماع الجُنْد، أي: إقطاعهم. الأساس: أجْرى عليه رِزْقًا، وكَم رِزْقُك في الشهر، أي: جِرايتُك، وأخذ الجند رَزَقاتَهم وأرزاقَهم.
قولُه: (تُرْبًا وجَنْدلاً)، أي: رُغمًا وهوانًا وخيبة.
قولُه: (﴿قَدَرًا مَّقْدُورًا﴾: قضاءً مَقْضِيًّا)، وهو في التلاوةِ مُقدَّمٌ على ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ﴾ وقد أخّره.


الصفحة التالية
Icon