أنّ هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال. والثاني: أنه قد أضاف الرجال إليهم، وهؤلاء رجاله لا رجالهم. فإن قلت: أما كان أبا للحسن والحسين؟ قلت: بلى، ولكنهما لم يكونا رجلين حينئٍذ، وهما أيضًا من رجاله لا من رجالهم، وشيء آخر: وهو أنه إنما قصد ولده خاصة، لا ولد ولده؛ لقوله تعالى: (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ)، ألا ترى أن الحسن والحسين قد عاشا إلى أن نيف أحدهما على الأربعين والآخر على الخمسين؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (أنّ هؤلاء لم يبلغوا مبلغَ الرجال)، روَيْنا عن البخاريِّ وابن ماجَه عن إسماعيل بن خالد قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: أرأيْتَ إبراهيمَ بن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعَم، مات صغيرًا، ولو قُضيَ أن يكون بعد محمد ﷺ نبيٌّ لكان ابنَه، ولكن لا نبيَّ بعده.
قولُه: (وشيء آخر) عَطْفٌ على قولِه: ((بلى، ولكنّهما لم يكونا رجلَيْن))، وتقرير السؤال والجواب حينئذ أن يقال: أما كان النبيّ ﷺ أبا الحسن والحسين؟ قال: نعم أي: لم يكن أباهما، لأنه تعالى إنّما قصد بقوله: ﴿أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ﴾ ولده خاصةً، لا ولد ولدِه لقولِه بعد ذلك: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ لأنه يوجبُ أن لا يكون له ولدٌ بلغَ مبلغَ الرجالِ فيصيرَ نَبِيًّا لما يؤدِّي ذلك إلى أنه لم يكن خاتمَ النبيين، ألا ترى كيف بلغ الحسن والحسين مبلغ الرجال وأوانَ أن ينزل عليهما الوحي، وهو بلوغُ أحدِهما فوقَ الأربعين، والآخر الخمسين، ولم ينزل عليهما النبوة، وفي هذا الوجه تكلُّف.
قولُه: (ألا ترى الحسن والحسين قد عاشا)، ذكر في ((جامع الأصول)): أنه ولد الحسن بن على سنة ثلاث من الهجرة ومات سنة خمسين، وقيل: تسع وأربعين، وقيل: ثمان وأربعين، وقيل: ثمان وأربعين، وقيل: سبعًا، وكان للحسن يوم قتل وخمسون. وفي ((الاستيعاب)): قيل: كانت سن الحسن يوم مات سِتًّا وأربعين سنة، وسن الحسين يوم قتل ابن سبع وخمسين، وقيل: ثمان وخمسين. وفي ((تاريخ الكامل)): كانت الأحزابُ في السنة الخامسة من الهجرة،


الصفحة التالية
Icon