الصفات والأفعال، وتبرئته من القبائح. ومثال فضله على غيره من الأذكار: فضل وصف العبد بالنزاهة من أدناس المعاصي، والطهر من أرجاس المآثم، على سائر أوصافه من كثرة الصلاة والصيام، والتوفر على الطاعات كلها، والاشتمال على العلوم، والاشتهار بالفضائل، ويجوز أن يريد بالذكر وإكثاره: تكثير الطاعات، والإقبال على العبادات؛ فان كل طاعة وكل خير من جملة الذكر، ثم خص من ذلك التسبيح بكرةً وأصيلًا وهي الصلاة في جميع أوقاتها؛ لفضل الصلاة على غيرها. أو: صلاة الفجر والعشاءين؛ لأنّ أداءها أشقّ ومراعاتها أشدّ.
[(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) [٤٣ - ٤٤]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (فَضْلُ وَصْف العبدِ بالنزاهةِ من أدناس المعاصي)، على سائر أوصافه من كثرةِ الصلاة والصيام. وذلك أن العادة استمرت أنه إذا أريد المبالغة في الوصف قيل: فلان معصومٌ نقيُّ الذيلِ طاهرُ الجيب، ومنها قولُه تعالى: ﴿مَا هَذَا بَشَرًا﴾، وقولُ حسّان في أمِّ المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها في رواية الشيخين:

حَصَانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بريبةٍ وتُصْبحُ غَرْثى من لحوم الغوافل
لأن النفسَ إذا كانت زكية طاهرة يتسهَّلُ لها محاسنُ الشِّيَم ولا يتأبّى عليها مكارم الأخلاق.
الحصَانُ -بالفتحِ-: المرأةُ العفيفة.
ما تُزَنُّ -بالزاي-: أي: ما تُتَّهَمُ يقال: زَنَّه بكذا وأزنّه: إذا اتّهمه به.
وغَرْثانُ: جَوْعان، وامرأة غَرْثى.


الصفحة التالية
Icon