وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم. فإن قلت: كيف استجاز سليمان عليه السلام عمل التصاوير؟ قلت: هذا مما يجوز أن تختلف فيه الشرائع؛ لأنه ليس من مقبحات العقل كالظلم والكذب. وعن أبى العالية: لم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرّما. ويجوز أن يكون غير صور الحيوان، كصور الأشجار وغيرها؛ لأنّ التمثال كل ما صوّر على مثل صورة غيره من حيواٍن وغير حيوان. أو تصوّر محذوفة الرؤوس. وروى: أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه، ونسرين فوقه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما، وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما. والجوابى: الحياض الكبار، قال:

تروح على آل المحلّق جفنة كجابية السّيح العراقىّ تفهق
لأنّ الماء يجبى فيها، أى: يجمع. جعل الفعل لها مجازًا، وهي من الصفات الغالبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سُمِّي المحرابُ مِحرابًا لكَثْرة ما يُحامي عليه وَصْفًا للمكان بصفةِ صاحبه.
قوله: (تروحُ على آل المُحلَّقِ)، البيت. مضى خبرُ المُحَلَّقِ وسَببُ قولِ الأعشى فيه في سورة ((طه)).
تفهَقُ: تَمْتَلئ حتى تطفح. يقال: فَهِق الإناء بالكسر يَفْهَقُ فهقًا؛ إذا امتلأ حتى تصبب، وإنما الشَيْخَ لضَعْفِه، وأنه لا يجد الماء في كل وقت فإذا وجده افترصَ وملأ حوْضَه، قيل: أراد بالشيخ العِراقي كسرى. وفي ((ديوان الأعشى)) بالسين والحاءِ المهملتين، أي: الماءِ الجاري على وجه الأرض، وقيل: أراد به الفرات.
وأما قول المصنف: ((جعل الفعل لها)) أي: ((تروحُ)) أُسْنِدَ إلى الجفنة، والظاهر أن الجابية اسمُ فاعل. الأصل مَجْبُوٌّ فيها فأسنده إلى الجابية مجازًا، كما قيل في قوله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ والزَّانِي﴾ [النور: ٢] سماها زانيةً وإنما هي المزنيُّ بها.


الصفحة التالية
Icon