ينسأ بها، أى: يطرد ويؤخر. وقرئ بفتح الميم وبتخفيف الهمزة قلبًا وحذفًا، وكلاهما ليس بقياس، ولكن إخراج الهمزة بين بين هو التخفيف القياسي. و (منسأته) على مفعالة. كما يقال في الميضأة: ميضاءة. و (من سأته)، أى: من طرف عصاه، سميت بسأة القوس على الاستعارة. وفيها لغتان، كقولهم:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (وقُرئ بفَتْحِ الميمِ وبتَخْفيفِ الهمزة قَلْبًا وحَذْفًا)، وفي ((التيسيرِ)): نافعٌ وأبو عَمْرو: ((منساته)) بألفٍ ساكنةٍ بدلاً من الهمزةِ والبَدلُ مَسموع، وابنُ ذَكْوانَ: بهَمْزةٍ ساكنةٍ، ومثلُه قد يجيءُ في الشعرِ لإقامةِ الوزنِ، وأنشَد الأخفشُ الدمشقي:
صريعُ خمرِ قامَ مِن وُكاتِه | كقومهِ الشيخِ إلى مِنْساتِه |
قال ابنُ جِنِّي: المشهورُ ﴿مِنسَأَتَهُ،﴾ و ((مِنْساتَه)) بالهَمْزِ وبالبَدَلِ من الهمزِ، وهي العَصا، مِفْعَلَةٌ؛ من: نَسْأتُ الناقةَ والبعيرَ إذا زجَرْتَه. قال الفراء: هي من سِيَةِ القوس، وهي مَهْموزةٌ، ويجوزُ عند الفرّاءِ سِئة وسأة، وشَبَّههما بالقِحَةِ والقَحَةِ والضِّعَة والضَّعة، والتفسيرُ إنما هو على العصا لا سِيَةِ القوسِ، وهي من (ن سء) أو إن كانت السِّيَةُ والسأةُ من: نسَأتُ، فهي عَلَة، والفاءُ محذوفةٌ نحو العِدَةِ والزِّنةِ والضِّعة والقِحَة، وذلك مما فاؤه ((واو)) لا نون، ولم يَمْرُرْ بنا ما حَذِفَتْ نونُه وهي فاء، وسِيَةُ القوسِ: فِعَة، واللام محذوفة.
وسُئل أبو عَمْروٍ عن تركِ همزة ((مِنْساته)) قال: وجدتُ لها في كتابِ الله تعالى أمثالاً ﴿خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ [البيّنة: ٧] و ﴿لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ [التكاثر: ٦]، وكان أبو عَمْرو ويهمِزُ ثم تركَها. ويريدُ أنّ البريةَ من: برأَ الخلْقَ، فتركَ همْزَها تخفيفًا، و ((الترُونَّ)) أصلُه: تراءى.
قولُه: (على الاستعارة)، أي: اللفظيةِ لا المعنوية، كما سيجيءُ في قوله: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ [الصافات: ٦٥] ومنه تسميةُ مطلَقِ الأنفِ للرسن.