قيل: وهل يجازى إلا الكفور، على اختصاص الكفور بالجزاء، والجزاء عام للكافر والمؤمن؟ لأنه لم يرد الجزاء العام، وإنما أراد الخاص وهو العقاب، بل لا يجوز أن يراد العموم، وليس بموضعه. ألا ترى أنك لو قلت: جزيناهم بما كفروا، وهل يجازى إلا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جزاني الزُّهْدَ مانِ جَزاءِ سوء | وكُنْتُ المرءَ أُجْزي بالكَرامهْ |
يا أم عمرو جزاك الله صالحة | رُدِّي عليّ فُؤادي كالذي كانا |
وروى الإمامُ عن بعضِهم: أنّ المُجازَاةَ في النقمةِ والجزاءَ في النعمة. ثم قال: قولُه: ﴿جَزَيْنَاهُم﴾ يدلُّ على أن ((يَجْزي)) يُستَعْمَلُ في النعمةِ أيضًا، ولعلّهم ذَهبوا إلى أنّ المجازاة مفاعلة، وهي في أكثرِ الأمرِ تُستعملُ بين اثنين بأخْذِ كلِّ واحدٍ جزاءَ حَقِّه من الآخَر، ولا يكون ذلك في النعمةِ، لا سيَّما من الله تعالى، لأن الله تعالى مبتدئُ النعم.
وقلتُ: القولُ المُختارُ ما قال المصنِّف.