له من الشافعين ومطلقة له. أو لا تنفع الشفاعة إلا كائنة لمن أذن له، أى: لشفيعه؛ أو هي اللام الثانية في قولك: أذن لزيد لعمرو، أى لأجله، وكأنه قيل: إلا لمن وقع الإذن للشفيع لأجله، وهذا وجه لطيف وهو الوجه، وهذا تكذيب لقولهم: (هؤلاء شفعاؤنا عند الله)] يونس: ١٨ [. فإن قلت: بما اتصل قوله: (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ)، ولأى شيء وقعت (حتى) غاية؟ قلت: بما فهم من هذا الكلام من أنّ ثم انتظارًا للإذن وتوقعًا وتمهلًا وفزعًا من الراجين للشفاعة والشفعاء؛ هل يؤذن لهم أو لا يؤذن؟ وأنه لا يطلق الإذن إلا بعد ملي من الزمان، وطول من التربص، ومثل هذه الحال دلّ عليه قوله عز وجلّ: (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً. يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً)] النبأ: ٣٧ - ٣٨ [. كأنه قيل: يتربصون ويتوقفون مليًا فزعين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويجوز أن تكون هذه اللامُ بمعنى: لأجل، ولامُ الصلةِ مع متعلِّقِه محذوفًا، نَحْوَ قولك: أذن لزيد لعمرو، وإليه الإشارة بقوله: ((وقع الإذنُ للشفيعِ لأجلِه)). هذا هو الذي يقتضيهِ النظمُ، لأنَّ الذي هو سَوْقُ الكلامِ أن شركاءهم لا تنفَعُهم في الدنيا ولا يملكون مثقالَ ذَرةٍ من خيرٍ أو شَرٍّ أو نَفْعٍ أو ضُرٍّ فيها، ولا لهم تصرُّف ما، فعَبّرَ بقوله: ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ﴾ عن العالم، أي في الدنيا، كما سبق في آل عمران، ولا ينفعهم في الآخرة، لأنه إن قُدِّرَ لهم نَفْعٌ فلا يكون إلا في الشفاعة، فجيء بقوله: ﴿وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ تعريضًا بأنَّ أصنامَهم لا يَشْفعون لأنهم ليسوا في صَدَدِ أن يُؤذَنَ لهم. هذا هو المرادُ من قولِه: ((وهو الوجْهُ- لأن فيه العلمَ بالشفيعِ والمشفوعِ له كليهما- وهذا تكذيبٌ لقولِهم ﴿هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ﴾)). قال أبو البقاء: واللام في ﴿لِمَنْ أَذِنَ لَهُ،﴾ يجوز أن يتعلّق بالشفاعة، لأنك تقول: شفَعْتُ له، وأن يتعلق بـ ﴿تَنفَعُ﴾.
قوله: (هل يؤذن)، مُتعلِّقٌ من حيثُ المعنى بقولِه ((راجين)).
قوله: (وتوقّفون مَلِيًّا)، وذلك أنَّ المقامَ مقامُ الهيبةِ والجلالِ لا سيَّما المشفوع له خائفٌ