قال: ما لكم تكأكأتم علىّ تكأكؤكم على ذى جنة؟ ! افرنقعوا عنى. والكلمة مركبة من حروف المفارقة مع زيادة العين، كما ركب «اقمطر» من حروف القمط، مع زيادة الراء. وقرئ: (الحق) بالرفع، أى: مقوله الحق. (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ): ذو العلو والكبرياء، ليس لملك ولا نبىّ أن يتكلم ذلك اليوم إلا بإذنه، وأن يشفع إلا لمن ارتضى.
[قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ الله وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)] ٢٤ [
أمره بأن يقررهم بقوله: (مَنْ يَرْزُقُكُمْ)، ثم أمره بأن يتولى الإجابة والإقرار عنهم بقوله: يرزقكم الله؛ وذلك بالإشعار بأنهم مقرّون به بقلوبهم، إلا أنهم ربما أبوا أن يتكلموا به؛ لأن الذي تمكن في صدورهم من العناد وحب الشرك قد ألجم أفواههم عن النطق بالحق مع علمهم بصحته؛ ولأنهم إن تفوهوا بأن الله رازقهم لزمهم أن يقال لهم: فما لكم لا تعبدون من يرزقكم، وتؤثرن عليه من لا يقدر على الرزق، ألا ترى إلى قوله: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ) حتى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجوهري: التكأكؤ: التجمُّع، وقال في بابِ العينِ وفَصْل الفاء: افرَنْقِعوا عني، أي: انكشفوا عني. واقمطَرَّ يومنا، أي: اشتد.
أبو عُبَيْد: المُقْمَطِرُّ: المُجْتمِع. قَمَطَ الطائرُ أُنثاه يَقْمِطُها أي: يَسْفِدُها. والقُماطُ: حَبْلٌ يُشَدُّ به قوائم الشاة عند الذبحِ وكذلك ما يُشَدُّ به الصبيُّ في المهدِ. والمِرَّةُ: إحدى الطبائعِ الأربعِ. وهذه القصة رواها الجوهريّ عن عيسى بن عمر، وروى ابنُ جِنّي في ((المُحْتسب)) أيضًا عن أبي عَلْقمةَ النحوي كما رَواهُ المصنِّف، وفي آخرِها: قال بعضُ الحاضرين: إنّ شيطانَه يتكلَّمُ بالهندية.
قوله: (ولأنهم إنْ تَفَوَّهوا)، عَطْفٌ على قوله: ((لأن الذي تمكَّنَ في صدورهم)).