ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
((التقريب)): وإنما أضيف إلى ((إن)) لزومه الظرفية اتّساعًا بإضافة الظرف إليه، كما أضيف إلى الجُمَل نحو: حينَ جاءَ زيد.
وقال صاحب ((الفرائد)): لزومُ ظرفِيَّتهما إذا كنتا مُسْتعملتَيْن لحقيقتهما، فإذا استعملتا بمعنى آخر كان لهما حكم لفظ ذلك المعنى، وهنا المراد بعد مجيء الهدى لأن المراد من وقت الهدى لا وقته، وما ذكر ليس بجواب السؤال الذي ذكر، لأن لزوم الظرفية يأبى جواز ما ذكر.
وقلت: كفى بقوله: ((يُتَّسعُ فيها ما لم يُتَّسع في غيرِها)) جاوبًا، وتقدير السؤال: أنْ ((إذ)) و ((إذا)) من الظروف اللازمة الظرفية، فكيف وقعت ((إذ)) هاهنا مجرورة مضافًا إليها.
وأجاب: أنّ الظروفَ لا سيما الزمانيةَ يُتَّسعُ فيها ما لم يُتَّسع في غيرها، ويمكن أن يكون مراده: أنه ((إذا)) جُرِّدَتْ ((إذ)) عن معنى الظرفية وانسلخَتْ عنه رأسًا وصُيِّرَت اسمًا صِرْفًا فأضيفَ إليها، ألا ترى كيف وقعت مجرورة في قولك: جئتك بعد إذ جاء زيد وحينئذ ويومئذ، فإذن معنى الآية: أنحنُ صدَدْناكم عن الهدى بعد مجيئه إياكم، فليس فيه رائحةُ الظرفية.
وعن صاحب ((الضوء)): نصَّ سيبويه في ((الكتاب)) وأجاز: إذا يقومُ زيدٌ إذاً يقعُدُ عمرو، بمعنى: وقْتُ قيامِ زيدٍ وقتُ قعود عمرو، فارتفع إذا هاهنا مبتدأ وخبرًا، وأنشد:

وبعد غد يا لهْفَ نفسيَ من غَد إذا راح أصحابي ولست برائح
قالوا: ((إذا)) هاهنا مجرور المحلِّ على البدَلية من ((غد))، ولذلك حكموا عليه بأنه منصوبُ المحلّ بوقوع عليه في أوائل القصص، وهو ((اذكر)) مُضمَرًا أو ظاهرًا، نَحو ﴿إذْ قَالَ رَبُّكَ﴾.


الصفحة التالية
Icon