[وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (٣٤) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ)] ٣٤ - ٣٥ [
هذه تسلية لرسول الله ﷺ مما منى به من قومه من التكذيب والكفر بما جاء به، والمنافسة بكثرة الأموال والأولاد، والمفاخرة وزخارفها، والتكبر بذلك على المؤمنين، والاستهانة بهم من أجله، وقولهم: (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا)] مريم: ٧٣ [، وأنه لم يرسل قط إلى أهل قرية من نذير إلا قالوا له مثل ما قال لرسول الله ﷺ أهل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شكوتُ إلى الأيام سوءَ صنيعِها | ومِن عَجَبٍ باكٍ تَشكّى إلى المُبكي |
فما زادني الأيام إلا شكايةً | وما زالتِ الأيامُ تُشكَى ولاتُشْكي |
وقال بعضهم: المنادمة والمداومة يتقاربان، وقال بعضُهم: الشّريبانِ سُمِّيا نديمَيْن لما يتعقب أحوالهما من الندامة على فعلهما.
قوله: (مما مني به من قومه)، يقال: مَنْوتُه ومَنيتُه، أي: ابتَلَيتُه.
قوله: (والاستهانةِ بهم من أجله)، أي: من أجل التكبر، قال القاضي: واستهانوا بمن لم يَحْظَ منها. ولذلك ضموا التهكم والمفاخرة إلى التكذيب ﴿إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ﴾ على مقابلة الجمع بالجمع، قوبل ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا...... مِّن نَّذِيرٍ﴾ بقوله: ﴿إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا﴾، ومن ثم طابقه قوله: ﴿إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ﴾.
قوله: (وأنه لم يرسل)، عطف على قوله: ((تسلية)) على سبيل البيان.