وخصوصية، بحال تستغرب، أوتهمّ المخاطب، أو غير ذلك، كما قال تأبط شرا:

بأنىّ قد لقيت الغول تهوى بسهب كالصّحيفة صحصحان
فأضربها بلا دهش فخرّت صريعا لليدين وللجران
لأنه قصد أن يصوّر لقومه الحالة التي تشجع فيها بزعمه على ضرب الغول، كأنه يبصرهم إياها ويطلعهم على كنهها مشاهدةً؛ للتعجيب من جرأته على كل هول وكذلك سوق السحاب إلى البلد الميت، وإحياء الأرض بالمطر بعد موتها، لما كانا من الدلائل على القدرة الباهرة، قيل: فسقنا، وأحيينا؛ معدولًا بهما عن لفظ الغيبة إلى ما هو أدخل في الاختصاص وأدلّ عليه. والكاف في (كَذلِكَ) في محلّ الرفع، أى: مثل إحياء الموات نشور الأموات. روي:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أُنْزِلَ أمرُ القيامةِ منزلةَ الماضي المقطوعِ به؛ لاهتمامِ وقوعِه، وإما غيرُ ذلك كقوله تعالى: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ [الحجرات: ٧]، جُعِلَتْ طاعتُه طاعتُه صلواتُ الله عليه مستمرةَ الامتناعِ على سبيلِ التجدُّدِ ليفيدَ استمرارَ امتناعِ عَنَتِهم ساعةً فساعة.
قولُه: (بأنِّي قد لقيتُ الغولَ)، البيتين، قبله:
فمن يُنكرْ وجودَ الغولِ إني أُخَبِّرُ عن يَقينٍ بل عِيانِ
تهوي، أي: تهبطُ، بسَهْبٍ: بفَلاةٍ واسعة، والصَّحْصحان: المكانُ المستوي من الفلاة.
والجِرانُ: مُقدَّمُ عُنُقِ البَعيرِ من مَذَبَحِه إلى مَنْحَرِه والجمع: الجرن، فكذلك من الفرس.
ولليدَيْن أي: على اليدَيْن، إنّما عدلَ من ((على)) إلى اللام؛ ليفيدَ أنه جعلَ اليدَ والجِرانَ للصرع، واختصَّ بهما؛ لأنّ اللامَ للاختصاصِ، كما قال في قوله تعالى: ﴿يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ﴾ [الإسراء: ١٠٧]: وجعل ذَقْنَه ووَجْهَة للخُرورِ واختَصَّه.
قولُه: (مَشاهَدةً؛ للتَّعجيب)، ((مشاهدة)): صيغةُ مفعولٍ حالٌ من الحالة.


الصفحة التالية
Icon