و (سيغ) بالتخفيف؛ و (ملح): على فعل. والأجاج: الذي يحرق بملوحته. ويحتمل غير طريقة الاستطراد: وهو أن يشبه الجنسين بالبحرين، ثم يفضل البحر الأجاج
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والجمعِ. والأُجاجُ: شديدُ الملوحة والحَرارةِ، مِن قولهم: أجيج النار وأَجَّتها، وقد أجَّت، وائتجّ النهار، ويأجوجُ ومأجوجُ منه شُبِّهوا بالنارِ المضطرمةِ والمياهِ المتوّجة؛ لكثرة اضطرابِهم، وأجّ الظَّليم: إذا عدا أجيجًا تشبيهًا بأجيجِ النار.
قولُه: (ويحتملُ غيرَ طريقة الاستطراد)، وفي اتصال ﴿وَمِن كُلٍّ تَاكُلُونَ﴾ بما قَبْلَه وجوه:
أحدُهما: أن يكونَ مُستطرَدًا وذلك إذا لم يُنظر إلى التمثيلِ أي: المُمثَّل والمُمثَّلِ به بل إلى نفس المُمثَّلِ به فلما قيل: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ﴾ أوردَ قوله: ﴿وَمِن كُلٍّ تَاكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا﴾ في الذكرِ من غيرِ قَصْد، ولما كان له نوعُ تعلَّقٍ بأصلِ الكلام أي: ما عُطِفَ عليه وهو الممثَّلُ به بالواو.
وثانيها: أن يكونَ ترشيحًا للاستعارةِ، لأنه تفريعٌ على المستعار منه بعد الفراغِ من الاستعارة، ومُصَحِّحُه خَلْقُ النفع في المُشَبَّه دون المُشَبَّه به، وموقعُه موقعُ التتميم صيانةً لحقِّ البحرِ لأنّ في تشبيهِ الكافرِ بالبحْرِ المالح إيذانًا بهَضْمِ جانبهِ، وهو المُراد مِنْ قوله: أن يُشَبَّه الجنسَيْن بالبحرَيْن، ثم يفضِّلَ البَحْرَ الأجاجَ على الكافر. نظيرُه في الاستدراك صيانةُ قوله: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ﴾ [البقرة: ٧٤].
وثالثها: أن يكونَ من تَتِمّةِ التمثيل: إمّا مُركَّبٌ وَهْمي، أو مُركَّبٌ عقلي، وعلى الأولِ كانَ مُفردًا عَقْليًّا.
قال القاضي: وهو استطرادٌ أو هو تمامُ التمثيلِ. والمعنى: كما أنهما وإن اشتركا في بعض الفوائد لا يتساويان فيما هو المقصود بالذات؛ لأنه خالط أحد الماءين ما أفسده وغَيَّر مِن كمال فِطْرته، وكذا لا يساوي المؤمنُ الكافرَ وإن اتفقَ اشتراكُهما في بعض الصفاتِ


الصفحة التالية
Icon