الإشارة، أو عطف بيان، و (ربكم) خبرا لولا أن المعنى يأباه. والقطمير: لفافة النواة؛ وهي القشرة الرقيقة الملتفة عليها.
[(إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)] ١٤ [
إن تدعوا الأوثان (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ)؛ لأنهم جماد (وَلَوْ سَمِعُوا) على سبيل الفرض والتمثيل لـ (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ)؛ لأنهم لا يدعون ما تدعون لهم من الإلهية، ويتبرءون منها. وقيل: ما نفعوكم: (يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ). (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ): ولا يخبرك بالأمر مخبر هو مثل خبير عالم به. يريد: أن الخبير بالأمر وحده هو الذي يخبرك بالحقيقة دون سائر المخبرين به. والمعنى: أنّ هذا الذي أخبرتكم به من حال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (لولا أنّ المعنى يأباه)، عن بعضِهم: إنما يأباه؛ لأن ﴿ذَلِكُمُ﴾ إشارةٌ إلى معلومٍ سبقَ ذكْرُه، وكونُه صِفةً أو عطفَ بيانٍ يقتضي أن يكونَ فيما سبقَ ضَرْبُ إبهام، وفيه نظر بحَسبِ كونِه صفة، وأما جَعْلُه عطفَ بيانٍ ففيه تخييلٌ للشركة، ألا ترى إذا قلت: ذلك الرجلُ سَيِّدُك، ففيه نوْعُ شركة؛ لأنّ ((ذا)) اسمٌ مُبهَمٌ ثم تُبيِّنُه.
وقلتُ: ويُمكنُ أن يقال: إنّ المشارَ إليه الإشارةِ ما سبق، كما قررناه آنفًا، ولو جُعِلَ موصوفًا أو مُبيَّنًا لكان المشارُ إليه ما بعْدَه، فلا يبقى ذلك الترتيبُ المُعتبر، وهو أنّ ما قبله جَديرٌ بما بعدَه لأجل إجراءِ تلك الصفاتِ عليه، إذ المعنى: ذلك الموصوفُ بتلك الصفاتِ الممُيَّزةِ والنعوتِ الكاملةِ هو العبودُ المستحِقُّ للعبادةِ المالكُ المُتفرِّدُ بالإلهية، ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ﴾، وفيه: أنْ ليسَ كلُّ ما يصحُّ إعرابًا كان وَجْهًا؛ لأنّ الإعرابَ تابعٌ للمعاني ولا ينعكس.
قولُه: (وقيل: ما نفعوكم)، عَطْفٌ على قولِه: ﴿لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ﴾ لأنهم جَماد، أي: ما نَفعوكم لعدمِ قُدرتِهم على شيء، وذلك أنّ المرادَ بالدعاءِ طلبُ النفع.
قولُه: (يريدُ أنّ الخبيرَ بالأمرِ وحده هو الذي يخبرُك بالحقيقة)، هذا الاختصاصُ يُفيده


الصفحة التالية
Icon