والشكر مجاز عن الإثابة.
[(وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ الله بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ)] ٣١ [
(الْكِتابِ) القرآن، ومن (للتبيين)، أو الجنس و (من) للتبعيض (مُصَدِّقاً) حال مؤكدة؛ لأنّ الحق لا ينفك عن هذا التصديق. (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ): لما تقدّمه من الكتب. (لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) يعنى أنه خبرك وأبصر أحوالك، فرآك أهلًا لأن يوحى إليك مثل هذا الكتاب المعجز الذي هو عيار على سائر الكتب.
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ الله ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣) وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ)] ٣٢ - ٣٥ [
فإن قلت: ما معنى قوله: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ)؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قولُه: (والشكرُ مَجازٌ عن الإثابة)، النهاية: في أسماءِ الله: الشَّكور، وهو الذي يَزْكو عنده القليلُ من أعمالِ العبادِ فيضاعِفُ لهم الجزاءَ، فشُكْرُه لعبادِه مغفرتُه لهم، والشَّكورُ من أبنية المبالغة.
قولُه: (عيارٌ على سائر الكتب)، أي: مِعيارٌ لسائرِ الكتبِ، وبه يُقاسُ صِحّة غيرِه.
المغرب: عايَرْتُ المكاييلَ والموازين: إذا قايسْتُها، والمعيارُ: الذي يُقاسُ به غيرُه ويُسوّى.
قولُه: (ما معنى قوله: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ﴾؟ )، يعني: الظاهرُ أنّ قولَه: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا﴾ عَطْفٌ


الصفحة التالية
Icon