وبَلدةٍ يَرهَبُ الجَوّابُ دُلجتَها | حتّى تَراهُ علَيها يَبتَغي الشِّيَعا |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراغب: العُلْوُ ضدُّ السُّفْل، والعُلْويُّ والسُّفْليُّ: المنسوبُ إليهما، والعُلُوّ: الارتفاع، وقد علا يَعْلُوا عُلُوًّا وعَلِيَ يَعْلي عَلاءَ فهو عَلِيٌّ؛ فـ ((علا)) بالفتحِ بالفتحِ في الأمكِنةِ والأجسامِ أكثر، قال تعالى: ﴿عَلَيْهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ﴾ [الإنسان: ٢١]، ويُستعملُ في المحمودِ والمذموم؛ قال تعالى: ﴿سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: ٤٣]، وقال: ﴿وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي اَلْأَرْضِ﴾ [يونس: ٨٣]. والعليّ: رفيعُ القدرِ من ((عَلِيَ))، فإذا وُصِفَ به الله تعالى فمعناهُ أنّه يعلو أن يحيطَ بهِ وصفُ الواصفين، بل علمُ العارفين؛ وعلى ذلك يُقال: تعالى الله، وخُصّ التفاعلُ للمبالغةِ لا للتكلُّفِ كما في البَشَر. و ﴿عُلُوًّا﴾ في قوله: ﴿عُلُوًّا كَبِيراً﴾ ليسَ مصدرًا، كما أنّ قولَه: ﴿وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾ [المزمل: ٨] كذلك، و ((استعلى)) قد يكونُ للعلوِّ المذموم، وقد يكونُ طَلَبُ العلاء أي الرفعة، وقولُه تعالى: ﴿وَقَدْ أَفْلَحَ اَلْيَوْمَ مَنِ اَسْتَعْلَى﴾ [طه: ٦٤] يَحْتَمِلُ الوجهينِ. ولاعتبارِ العلو قيلَ للمكانِ المُشْرِفِ، وللشّرَفِ: العلياءُ، وعَلاوةُ الشيء: أعلاه؛ ولذلكَ قيلَ للرأسِ والعُنُق: عَلاوة، ولِما يُحمَلُ فوقَ الأحمال: عَلاوة.
قولُه: (وبلدةٍ يرهَبُ الجوّابُ دُلْجتَها) البيت: البلدة: المفازة، الجوّاب: القَطّاع،
دُلْجتها: مِن أَدْلَج: إذا سار آخِرَ الليل، والدُّلجة: الساعةُ منَ الليلِ.
تراه: أي الجوّاب. يقول: رُبّ بلدةٍ - يخافُ الجوّابُ أنْ يسيرَ فيها في الدُّلجةِ حتى تراهُ يطلبُ يمينًا وشمالاً مَن يُشَيِّعُه مِن خوفه- أنا قطعتها بلا شِيَع.