و ﴿وحِفْظًا﴾ مما حمل على المعنى؛ لأن المعنى: إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وحفظًا من الشياطين، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نصب، وهو قول الزجاج. وقال صاحب "الكشف": مثله قوله تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ [الحج: ٧٨] إلى قوله: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ﴾، يجوز أن يكون التقدير: وجاهدوا في دين الله، فيكون ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ﴾ بدلًا من موضع الجار والمجرور. وقال ابن الحاجب: وهو ضعيف ضعف قولهم: مررت بزيد أخاك، فلا ينبغي أن يحمل عليه قراءة ثابتة صحتها، ووجه ضعفه: أنه إذا جعل بدلًا كان في المعنى معمولًا للعامل الأول، ولا يستقيم أن يكون العامل الأول مسلطًا باعتبار المعنى بنفسه، ألا ترى أنك لو قلت في " مررت بزيد أخاك": "مررت أخاك" لم يجز، كذلك هذا.
قوله: (﴿وَحِفْظًا﴾: مما حمل على المعنى) أي: قوله: ﴿وَحِفْظًا﴾ عطف ومنصف لابد له من معطوف عليه ومن ناصب، فإما أن يعطف على ﴿بِزِينِةٍ﴾ من حيث المعنى؛ لأنه في الحقيقة مفعول له لقوله: ﴿زَيَّنَّا﴾، والتقدير: خلقنا الكواكب زينة وحفظًا، وإما أن يقدر الناصب ويؤخر، وهو "زيناها" ليفيد الاهتمام، أو يقدم بأن يقال: وحفظناها حفظًا؛ ليفيد التوكيد، قال المبرد/ إذا ذكرت فعلًا ثم عطفت عليه مصدر فعل آخر، نصبت المصدر لتدل به على فعل آخر، نحو قولك: افعل وكرامة، أي افعل ذلك وأكرمك كرامة.
وقلت: وفيه توكيد آخر من هذه الحيثية ودلالة على أن الحفظ أهم من التزيين وأعنى، ولذلك أتبعه الله عز وجل: ﴿لا يَسَّمَّعُونَ إلَى المَلأِ الأَعْلَى﴾.


الصفحة التالية
Icon