البعث ممن هذه أفعاله، وهم يسخرون ممن يصف الله بالقدرة عليه. فإن قلت: كيف يجوز العجب على الله تعالى، وإنما هو روعة تعتري الإنسان عند استعظامه الشيء، والله تعالى لا يجوز عليه الروعة؟ قلت: فيه وجهان؛ أحدهما: أن مجرد العجب لمعنى الاستعظام، والثاني:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ممن هذه أفعاله) "من" متعلق بقوله: "أن يشطروا".
قوله: (روعة) الجوهري: الروع -بالفتح-: الفزع، والروعة: الفزعة. الأساس: ومن المجاز: وفرس رائع، يروع الرائي بجماله، يريد: يدخل روعة الهيبة، ومنه الحديث: "إن روح القدس نفث في روعي".
قوله: (أن يجرد العجب لمعنى الاستعظام) هذا على أصول الماكلمين، قالوا: عامة صفات الله التي تستدعي الجسمية تفسر على أحوالنا لأعراضنا في الانتهاء لا في الابتداء، فيحمل التعجب على الاستعظام، فإن من رأى منا أمرًا عظيمًا لم يره من قبل تفجؤه الروعة فيستعظمه، لذلك فالله تعالى منزه عن المعنى الأول فيحمل على الثاني، وأورد بأن ترتب الاستعظام على عكس ما ذكر ضرورة أنه يستعظم الشيء أولًا ثم تعتري الروعة، وتعريفه المذكور في "الكشاف" دال عليه، فيقال: الوجدان حاكم أن استعظام الشيء مسبوق بانفعال يحصل في الروع من رؤية أمر غريب، كمشاهدة جوهرة نفيسة أو درة يتسمة، هذا هو المعني بالروعة عند التعجب.
وأما قوله: "وتعريفه المذكور دال عليه" فممنوع، ولفظ "عند" في قوله: "عند استعظامه الشيء" لا ينافي ما ذكرنا؛ لأنه إنما دل على المعية الزمانية، على أن الإمام نص في هذا المقام على هذا المعنى، حيث قال: القانون في هذا الباب أن هذه الألفاظ محمولة على نهايات العراض لا على بداياتها، ومن تعجب من شيء فإنه يستعظمه، والتعجب في حق الله تعالى محمول


الصفحة التالية
Icon