النجل العيون، شبههن ببيض النعام المكنون في الأداحي، وبها تشبه العرب النساء وتسميهن بيضات الخدور.
[﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ * قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ المُصَدِّقِينَ * أَئِذَا مِتْنَا وكُنَّا تُرَابًا وعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ * قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ * فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الجَحِيمِ * قَالَ تَاللَّهِ إن كِدتَّ لَتُرْدِينِ * ولَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ المُحْضَرِينَ﴾ ٥٠ - ٥٧].
فغن قلت: علام عطف قوله: ﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾؟ قلت: على ﴿يُطَافُ عَلَيْهِم﴾، والمعنى: يشربون فيتحادثون على الشراب كعادة الشرب، قال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في الأداحي)، الجوهري: مدحى النعامة: موضع بيضها، وأدحيها: موضعها الذي تفرخ فيه، وهو أفعول من دحوت؛ لأنها تدحوه برجلها ثم تبيض، وليس للنعام عش. قال صاحب "المطلع": شبههن ببيض النعام المكنون في الأداحي التي لا يصيبها شمس ولا ريح ولا غبار فيغير لونها. وقال: ألوانهن ألوان بيض النعام. ويجوز أن يكون ﴿مَكْنُونٌ﴾ مصون، يقال: كننت الشيء؛ إذا سترته وصنته، فهو مكنون.
قوله: (فيتحادثون على الشراب كعادة الشرب)، الجوهري: الشرب: جمع شارب، مثل: صاحب وصحب.
واعلم أنه لما قيل: ﴿وهُم مُّكْرَمُونَ﴾ وجيء بالخبار المتوالية، أولها: ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾، وثانيها: ﴿عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾، وثالثها: ﴿يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَاسٍ مِّن مَّعِينٍ﴾، وعلق بـ ﴿يُطَافُ﴾ قوله: ﴿وعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ﴾ تكميلًا للذة الشراب بلذة الحسان الوجوه، وأريد تتميم معنى تلك النعمة ألقى في خلدهم تذكر ما كانوا عليه في الدنيا مع القرين السوء الذي كاد أن يفوت عليهم هذا النعيم المقيم؛ ليزيد غبطتهم وتبجحهم، وإليه الإشارة بقوله: ﴿ولَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ المُحْضَرِينَ﴾ قال أبو البقاء: في جنات.


الصفحة التالية
Icon