وإن جعلت الإطلاع من: أطلعه غيره، فالمعنى: أنه لما شرط في اطلاعه اطلاعهم، -وهو من آداب المجالسة؛ أن لا يستبد بشيء دون جلسائه- فكأنهم مطلعوه. وقيل: الخطاب على هذا للملائكة. وقرئ: (مطلعون) بكسر النون، أراد: مطلعون إياي؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و﴿هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ﴾ بمعنى الأمر، نحو قوله تعالى" ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: ٩١]؛ ولذلك قال: فاعترضوه، أي: فامتثلوا أمره. و"اعترض" مطاوع "عرض"، أي: قبلوا عرضه وقالوا: نعم. فالفاء في ﴿فَاطَّلَعَ﴾ فصيحة؛ لأن "فاعترضوه" سبب لقوله: فاطلع، كقوله: فـ ﴿اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ﴾ [البقرة: ٦٠].
وينصره ما روينا عن الواحدي: "فاطلِع أنت، فاطلع فرأى أخاه"، بالأمر والماضي.
قوله: (وإن جعلت الإطلاع من: أطلعه) معطوف على قوله: "واطلع وأطلع بمعنى واحد"، أي لك أن تجعل قراءة من قرأ "مطلَعون" من: أطلعه غيره فاطلع هو، فالمعنى: فهل أنتم مطلعون إياي على حال ذلك القرين فأطلع أنا؟ يعني انظروا إلى حاله حتى أنظر إليه، فإن نظري إليه متوقف على نظركم. وإليه الإشارة بقوله: "إنه لما شرط في اطلاعه اطلاعهم يقول هذا بعضهم لبعض"، بدليل قوله: "وهو من آداب المجالسة أن لا يستبد بشيء دون جلسائه".
قوله: (فكأنهم مطلعوه) جزاء "لما"، وما توسط بينهما اعتراض. وهذا المعنى يشتمل على التقديرين: الماضي والمضارع. ولا يجوز أن يكون القائل الله تعالى ولا الملائكة، نعم يجوز أن يكون الخطاب للملائكة، فيقول: هل أنتم يا ملائكة الله مطلعي على حال قريني فأطلع أنا عليها؟ أي: أطلعوني قريني أيها الملائكة لأطلع أنا قرنائي من أهل الجنة.
قوله: (وقرئ: "مطلعون" بكسر النون). قال أبو البقاء: وهو بعيد جدًا؛ لأن النون إن كانت للوقاية فلا تلحق بالأسماء، وإن كانت للجمع فلا تثبت في الإضافة.


الصفحة التالية
Icon