﴿مِن شِيعَتِهِ﴾: ممن شايعه على أصول الدين وإن اختلفت شرائعهما. أو: شايعه على التصلب في دين الله ومصابرة المكذبين. ويجوز أن يكون بين شريعتيهما اتفاق في أكثر الأشياء. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من أهل دينه وعلى سنته، وما كان بين نوح وإبراهيم إلا نبيان: هود صالح، وكان بين نوح وإبراهيم ألفان وست مئة وأربعون سنة. فإن قلت: بم تعلق الظرف؟ قلت: بما في الشيعة من معنى المشايعة، يعني: وإن ممن شايعه على دينه وتقواه حين جاء ربه بقلب سليم ﴿لإبْرَاهِيمَ﴾، او بمحذوف؛ وهو: اذكر، ﴿بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ من جميع آفات القلوب.
وقيل: من الشرك، ولا معنى للتخصيص؛ لأنه مطلق، فليس بعض الآفات أولى من بعض فيتناولها كلها. فإن قلت: ما معنى المجيء بقلبه ربه؟ قلت: معناه: أنه أخلص لله قلبه، وعرف ذلك منه فضرب المجيء مثلًا لذلك. ﴿أَئِفْكًا﴾ مفعلو له، تقديره:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكان بين نوح وإبراهيم عليهما السلام ألفان وست مئة وأربعون سنة)، وفي "جامع الأصول": ألف سنة ومئة واثناتن وأربعون سنة.
قوله: (وهو: اذكر) أي: اذكر إذ جاء ربه، أي: وقت مجيئه ربه.
قوله: (ولا معنى للتخصيص)، أي: لا معنى لتخصيص قوله: ﴿سَلِيمٍ﴾ بشيء من الآفات. قال صاحب "الفرائد": لما كان المقام مقام المدح وجب أن يكون سالمًا عن كل الآفات؛ لأن السالم عن البعض يدخل فيه كل القلوب؛ لأنه ما من قلب إلا وهو سالم من البعض.
قوله: (فضرب المجيء مثلًا لذلك)، أي: لقوله: "من أخلص لله قلبه". وفي "المطلع": ومعنى محبة ربه: أنه اخلص لله قلبه وعرف ذلك منه كما يعرف الغائب واحواله بمجيئه وحضوره، فضرب المجيء مثلًا لذلك. وقال الإمام: معناه انه إذا اخلص لله تعالى قلبه فكأنه استحق حضرة الله بذلك القلب. ورأيت في التوراة: أن الله تعالى قال لموسى: يا


الصفحة التالية
Icon