أو: من أزفه؛ إذا حمله على الزفيف، أي: يزف بعضهم بعضًا. و (يزفون)، على البناء للمفعول، أي يحملون على الزفيف. و (يزفون)، من وزف يزف؛ إذا أسرع. و (يزفون)، من: زفاه؛ إذا حداه، كأن بعضهم يزفو بعضًا لتسارعهم إليه.
فإن قلت: بين هذا وبين قوله تعالى: ﴿قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ﴾ [الأنبياء: ٥٩ - ٦٠] كالتناقض؛ حيث ذكر ها هنا أنهم أدبروا عنه خيفة العدوى، فلما أبصروه يكسرهم أقبلوا إليه متبادرين ليكفوه ويوقعوا به، وذكر ثم أنهم سألوا عن الكاسر، حتى قيل لهم: سمعنا إبراهيم يذمهم، فلعله هو الكاسر؛ ففي أحدهما أنهم شاهدوه يكسرها، وفي الآخر: أنهم استدلوا بذمه على أنه الكاسر! قلت: فيه وجهان؛ أحدهما: أن يكون الذين أبصروه وزفوا إليه نفرًا منهم دون جمهورهم وكبرائهم، فلما رجع الجمهور والعلية من عيدهم إلى بيت الأصنام ليأكلوا الطعام الذي وضعوه عندها لتبرك عليه ورأوها مكسورة اشمأزوا من ذلك، وسألوا: من فعل هذا بها؟ ثم لم ينم عليه أولئك النفر نميمة صريحة، ولكن على السبيل التورية والتعريض بقولهم: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦٠] لبعض الصوارف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال ابن جني: وهي قراءة عبد الله، وذهب قطرب أنها تخفيف "يزفون"، كما قال تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب: ٣٣] أي: اقررن.
قوله: (والتعريض بقولهم: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾ [الأنبياء: ٦٠] لبعض الصوارف)، خلاصة الدفع عن التناقض أن قوله: ﴿سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾ لا يناقض قوله: {فَأَقْبَلُوا


الصفحة التالية
Icon