ولكن في نفس الكبش بدلًا منه. فإن قلت: فأي فائدة في تحصيل تلك الحقيقة، وقد استغني عنها بقيام ما وجد من إبراهيم مقام الذبح من غير نقصان؟ قلت: الفائدة في ذلك: أن يوجد ما منع منه في بدله حتى يكمل منه الوفاء بالمنذور وإيجاد المأمور به من كل وجه. فإن قلت: لم قيل هنا هنا ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ وفي غيرها من القصص: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ﴾، فكأنما استخف بطرحه اكتفاء بذكره مرة عن ذكره ثانية.
[﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ * وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ ١١٢ - ١١٣].
﴿نَبِيًّا﴾ حال مقدرة كقوله تعالى ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣]. فإن قلت: فرق بين هذا وبين قوله: ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾؛ وذلك أن المدخول موجود مع وجود
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فكأنما استخف بطرحه اكتفاء بذكره)، قال الراغب في "درة التنزيل": إن قوله: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ لما جعل أمارة لانتهاء كل قصة، وكانت قصة إبراهيم عليه السلام متضمنة ذكره وذكر ولده الذبيح فقيل له بعدما تله للجبين: ﴿قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ فجاء في هذا المكان وقد بقيت من القصة آيات فلما أتمها جاء بما جعل خاتمة لكل قصة من قصصهم ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ فلم يذكر "إنا" لسببين: أحدهما: تقدم ذكرها في هذه القصة، والآخر: أن يخالف بين منتهى هذه القصة لأنها من القصة الأولى التي ختمت بـ ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ وبين منتهى قصة ليس ما قبلها منها، فكأن ﴿إِنَّا كَذَلِكَ﴾ لما ذكر في هذه القصة مرة اكتفى بها ولم يكن منقطعاا لها فخالفت ما تقدمها وما تأخر عنها لذلك.
قوله: (فرق بين هذا وبين قوله)، مبتدأ وخبر، أي: فرق عظيم بين هذا وذلك؛ لأنه لما


الصفحة التالية
Icon