وبشرناه بوجود إسحاق نبيًا، أي: بأن يوجد مقدرة نبوته؛ فالعامل في الحال الوجود لا فعل البشارة، وبذلك يرجع، نظير قوله تعالى: ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣]. ﴿مِنَ الصَّالِحِينَ﴾: حال ثانية، وورودها على سبيل الثناء والتقريط؛ لأن كل نبي لابد أن يكون من الصالحين.
وعن قتادة: بشره الله بنبوة إسحاق بعدما امتحنه بذبحه، وهذا جواب من يقول: الذبيح إسحاق لصاحبه عن تعلقه بقوله: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ﴾
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الموصوف في الحقيقة وهو إسحاق- لم يكن موجودًا عند البشارة، فلابد من التأويل وتقدير الوجود.
قال القاضي: معنى قوله ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ مقضيًا نبوته مقدرًا كونه، وبهذا الاعتبار وقعا حالين، ولا حاجة إلى وجود المبشر به وقت البشارة، فإن وجود ذي الحال غير شرط بل الشرط مقارنة تعلق الفعل به للاعتبار المعني بالحال، فلا حاجة إلى تقدير مضاف يجعل عاملًا فيهما مثل "وبشرناه بوجود إسحاق" أي: بأن يوجد إسحاق نبيًا من الصالحين، ومع ذلك لا يصير نظير قوله: ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [الزمر: ٧٣] فإن الداخلين مقدورون خلودهم وقت الدخول، وإسحاق لم يكن مقدرًا نبوة نفسه وصلاحهما حيثما توجد.
قوله: (الثناء والتفريط)، الجوهري: التقريظ: مدح الإنسان وهو حي، والتابين مدحه وهو ميت.
قوله: (وعن قتادة: بشره الله بنبوة إسحاق بعدما امتحنه)، جواب آخر عن السؤال بغير التزام الفرق بين قوله: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا﴾ وبين ﴿فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾، لأن البشارة بالنبوة بعد الوجود.
قوله: (لصاحبه عن تعلقه)، "اللام" و"عن" متعلقان بقوله: "جواب" والضمير في


الصفحة التالية
Icon