الأنبياء والوعد والوعيد. والتنكير في ﴿عِزَّةٍ وشِقَاقٍ﴾؛ للدلالة على شدتهما وتفاقمهما. وقرئ: (في غرة) أي: في غفلة عما يجب عليهم من النظر وأتباع الحق.
[﴿كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا ولاتَ حِينَ مَنَاصٍ﴾ ٣]
﴿كَمْ أَهْلَكْنَا﴾: وعيد لذوي العزة والشقاق، ﴿فَنَادَوْا﴾: فدعوا واستغاثوا، عن الحسن: (فنادوا بالتوبة). و"لات": هي"لا" المشبهة بـ"ليس"، زيدت عليها تاء التأنيث كما زيدت على"رب"، و"ثم" للتوكيد، وتغير بذلك حكمها؛ حيث لم تدخل إلا على الأحيان، ولم يبرز إلا أحد مقتضييها: إما الاسم وإما الخبر، وامتنع بروزهما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن الذكر عن النسيان: ﴿فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ﴾ [الكهف: ٦٣]، ومن الذكر بالقلب واللسان معا: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا﴾ [البقرة: ٢٠٠]، و ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨].
قوله: (و"لات": هي لا المشبهة بـ"ليس")، قيل: مذهب البصريين أن "لات" بمعنى: "ليس" والكوفيين أنها لنفي الجنس، وهذا أولى لكثرتها في الاستعمال، وبمعنى: "ليس" إنما يكون في الشعر، فوجب أن يكون يحمل ما في القرآن على الشائع لا على القليل.
وحجة البصريين أن تاء التأنيث من خواص الفعل فوجب أن تكن المشبهة بالفعل، وإلحاق التاء في التي لنفي الجنس بعيد.
قوله: (لم تدخل إلا على الأحيان)، قيل: إنما اختصت بها لما في دخولها على غيرها من إلباس؛ لأن "لا" ليست لنفي الحال صريحًا فيختص دخولها على الأحيان، بخلاف "ليس" لأنها أينما وقعت؛ وقعت لنفي الحال فلا يختص بالأحيان.
قوله: (إلا أحد مقتضييها: إما الاسم وإما الخبر)، على حسب اختلاف القراءتين في ﴿حِينَ﴾: النصب والرفع، فمن نصب فتقديره: "ولات الحين حين مناص"، ومن رفع فتقديره: "ولات حين مناص حاصلًا لهم".


الصفحة التالية
Icon