حكمه. الفصل: التمييز بين الشيئين. وقيل للكلام البين: فصل، بمعنى المفصول، كضرب الأمير؛ لأنهم قالوا: كلام ملتبس، وفي كلامه لبس. والملتبس: المختلط، فقيل في نقيضه: فصل، أي: مفصول بعضه من بعض، فمعنى فصل الخطاب: البين من الكلام الملخص الذي يتبينه من يخاطب به لا يلتبس عليه. ومن فصل الخطاب وملخصه: أن لا يخطئ صاحبه مظان الفصل والوصل، فلا يقف في كلمة الشهادة على المستثنى منه، ولا يتلو قوله: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ [الماعون: ٤] إلا موصولًا بما بعده، ولا ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ﴾ حتى يصله بقوله: ﴿لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٢]، ونحو ذلك، وكذلك مظان العطف وتركه، والإضمار والإظهار والحذف والتكرار، وإن شئت كان الفصل بمعنى الفاصل، كالصوم والزور، وأردت بفصل الخطاب: الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والصواب والخطأ، وهو كلامه في القضايا والحكومات، وتدابير الملك والمشورات. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هو قوله: البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وهو من الفصل بين الحق والباطل، ويدخل فيه قول بعضهم: هو قوله: "أما بعد"؛ لأنه يفتتح إذا تكلم في الأمر الذي له شأن بذكر الله وتحميده، فإذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق إليه فصل بينه وبين ذكر الله بقوله: أما بعد. ويجوز أن يراد الخطاب القصد الذي ليس فيه اختصار مخل ولا إشباع ممل، ومنه ما جاء في صفة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: فصل؛ لا نزر ولا هذر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في صفة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: فصل، لا نزر ولا هذر)، وروينا عن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما كان رسول الله ﷺ يسرد كسردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام فصل يحفظه من جلس إليه". وعنها: " كان كلام رسول الله ﷺ كلام فصل، يعيه كل من سمعه". أخرجه أبو داود. الحديثان يوفقان التفسير الأول، وقيل: الكلام البين فصل.