أي: بحكم الله تعالى؛ إذا كنت خليفته ﴿وَلَا تَتَّبِعِ﴾ هوى النفس في قضائك وغيره، مما تتصرف فيه من أسباب الدين والدنيا ﴿فَيُضِلَّكَ﴾ الهوى فيكون سببًا لضلالك ﴿عَن سَبِيلِ اللهِ﴾: عن دلائله التي نصبها في العقول، وعن شرائعه التي شرعها وأوحى بها. و ﴿يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ متعلق بـ ﴿نَسُوا﴾، أي: بنسيانهم يوم الحساب، أو بقوله: ﴿لَهُمْ﴾، أي: لهم عذاب يوم القيامة بسبب نسيانهم؛ وهو ضلالهم عن سبيل الله.
وعن بعض خلفاء بني مروان: أنه قال لعمر بن عبد العزيز، أو للزهري: هل سمعت ما بلغنا؟ قال: وما هو؟ قال: بلغنا أن الخليفة لا يجري عليه القلم ولا تكتب عليه معصية. فقال: يا أمير المؤمنين، الخلفاء أفضل أم الأنبياء؟ ثم تلا هذه الآية.
[﴿ومَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ والأَرْضَ ومَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾ ٢٧]
﴿بَاطِلًا﴾: خلقًا باطلًا، لا لغرض صحيح وحكمة بالغة. أو: مبطلين عابثين، كقوله: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الدخان: ٣٨ - ٣٩]، وتقديره: ذوي باطل، أو عبثًا، فوضع باطلًا موضعه،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: بحكم الله إذ كنت خليفته)، يريد: أن الأمر بالحكم بالعدل بعد ذكر ﴿إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً﴾ مشعر بأن وصف الخلافة يقتضي الحكم بالعدل، ولذلك رتب الحكم في التنزيل بالفاء على جعله خليفة.
قوله: (﴿فَيُضِلَّكَ﴾ الهوى)، عن بعضهم: ﴿فَيُضِلَّكَ﴾ منصوب على الجواب، وقيل: مجزوم عطفًا على النهي، وفتحت اللام لالتقاء الساكنين.
قوله: (خلقًا باطلًا، لا لغرض صحيح)، قال القاضي: أي: خلقًا باطلًا لا حكمة فيه.


الصفحة التالية
Icon