محذوف، والجار صلة التنزيل، كما تقول: نزل من عند الله، أو غير صلة، كقولك: هذا الكتاب من فلان، وهو على هذا خبر بعد خبر؛ أو خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هذا تنزيل الكتاب، هذا من الله، أوحال من التنزيل عمل فيها معنى الإشارة؛ بالنصب على إضمار فعل، نحو: اقرأ، والزم. فإن قلت: ما المراد بالكتاب؟ قلت: الظاهر على الوجه الأول: أنه القرآن، وعلى الثاني: أنه السورة. ﴿مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ﴾: ممحضًا له الدين من الشرك والرياء بالتوحيد وتصفية السر. وقرئ: (الدين) بالرفع.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو حال من التنزيل عمل فيها معنى الإشارة)، هذا مما منعه بعضهم واختاره الزجاج، وقد استقصينا القول فيه في فاتحة"البقرة".
قوله: (الظاهر على الوجه الأول أنه القرآن)، والوجه الأول: هو أن يكون ﴿تَنزِيلُ الكِتَابِ﴾ مبتدأ أخبر عنه بالظرف؛ لأن المعنى: تنزيل القرآن من عند الله العزيز الحكيم.
والوجه الثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هذه السورة قول من عند الله أو هذا تنزيل السورة كائنًا من عند الله، يدل عليه ما جاء في فواتح السور التي حليت بأسماء الإشارة نحو ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة: ٢] ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ﴾ فإن الكتاب مفسر فيها باسم السورة غالبا، كما استقرأنا من كلامه، وأما القراءة بالنصب على تقدير" الزم" أو اقرأ" فالظاهر أنه القرآن.
قوله: (من الشرك والرياء)، لف لقوله: "بالتوحيد وتصفية السر"، وفي"المطلع": قصد العبد بعمله ونيته رضا الله لا يشوبه بشيء من عرض الدنيا. الراغب: الخالص كالصافي؛ إلا أن الخالص هو ما زال عنه شوبه بعد أن كان فيه يقال: خلصته فخلص، ولذلك قال الشاعر: