إلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} فكيف يعدل بكم عن عبادته إلى عبادة غيره؟
[﴿إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ولا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ وإن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ ٧]
﴿فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ﴾: عن إيمانكم، وإنكم المحتاجون إليه؛ لاستضراركم بالكفر واستنفاعكم بالإيمان، ﴿ولا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الكُفْرَ﴾ رحمةً لهم؛ لأنه يوقعهم في الهلكة. ﴿وإن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ أي: يرض الشكر لكم؛ لأنه سبب فوزكم وفلا حكم؛ فإذًا ما كره كفركم ولا رضي شكركم إلا لكم ولصلاحكم؛ لا لأن منفعة ترجع إليه؛ لأنه الغني الذي لا يجوز عليه الحاجة. ولقد تمحل بعض الغواة ليثبت لله تعالى ما نفاه عن ذاته من الرضا لعباده الكفر، فقال:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولا رضي شكركم إلا لكم ولصلاحكم، لا لأن منفعة ترجع إليه)، هذا من التراكيب التي منعها صاحب "المفتاح"، قال: لا يجوز ما جاء إلا زيد لا عمرو، وقد أجبنا عنه مرارًا.
قوله: (ولقد تمحل بعض الغواة ليثبت لله ما نفاه عن ذاته من الرضا لعباده الكفر)، قال الإمام: احتج الجبائي بهذه الآية من وجهين: أحدهما أن المجبرة يقولون: الله تعالى خلق كفر العباد، وإنه من جهة أنه من خلقه حق وصواب. فقال: لو كان الأمر كذلك لكان قد رضي الكفر من الوجه الذي خلقه، وذلك ضد الآية. والثاني: لو كان الكفر بقضاء الله لوجب علينا أن نرضى به؛ لأن الرضا بقضاء الله واجب، والرضا بالكفر كفر. وأجاب الأصحاب من وجوه:
أحدها: أن عادة الله جارية بتخصيص لفظ العباد بالمؤمنين، قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ


الصفحة التالية
Icon