هذا من العام الذي أريد به الخاص، وما أراد إلا عبادة الذين عناهم في قوله: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الإسراء: ٦٥]، يريد: المعصومين، كقوله تعالى: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ﴾ [الإنسان: ٦]، تعالى الله عما يقول الظالمون. وقرئ: ﴿يَرْضَهُ﴾ بضم الهاء بوصل وبغير وصل، وبسكونها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هذا من العام الذي أريد به الخاص)، الراغب: البعد على ضربين: عبد للإيجاد والتسخير، وذلك يطلق على كل أحد، وإياه عنى بقوله: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣]. وعبد على طريق التخصيص، وذلك قوله: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤٢] وقوله: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان: ٦٣] فعلى هذا يصح إن قال: فلان ليس عبدًا لله، وإنه عبد الهوى وعبد الشهوة، ومنه الحديث: "تعس عبد الدينار، وتعس عبد الدرهم، وتعس عبد الخميصة". وقال: تخصيص إضافة العبد إلى الله في كثير من المواضع تنبيه على مدحه في كونه مطيعًا له منصرفًا عن أمره، وأنه غير معرج على غيره، ثم أضافه بنون الملوكية مبالغةً في الاختصاص، وكل إضافة إلى الله تعالى بهذا الوجه فللمبالغة.
قوله: (وقرئ ﴿يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ بضم الهاء بوصل)، قال القاضي: قرأه ابن كثير ونافع في رواية، وأبو عمرو والكسائي بإشباع ضمة الهاء، وعن أبي عمرو ويعقوب إسكانها وهو لغة فيها. وقال الواحدي: منهم من أشبع الهاء حتى ألحق بها واوا؛ لأن ما قبلها متحركة فصار بمنزلة ضربه وله، ومنهم من حرك الهاء ولم يلحق بالواو؛ لأن أصله:


الصفحة التالية
Icon