﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾. وقيل: معناه: أمن هو قانت أفضل أم من هو كافر؟ و: أهذا أفضل أم من هو قانت؟ على الاستفهام المتصل. والقانت: القائم بما يجب عليه من الطاعة، ومنه قوله عليه السلام: "أفضل الصلاة طول القنوت"؛ وهو
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: مراد الزجاج بالعاصي هو الذي ذكره قبل في تقدير المتصلة: من جعل له ندًا، إشارة إلى أن المضرب عنه بـ"بل" الكلام المذكور فيه ﴿وجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ﴾ وهو الآية السابقة، أي: دع ذلك الذم وسلهم: أمن هو مطيع كمن هو عاص؟ وهو من باب إرخاء العنان.
قوله: (وقيل: معناه: أمن هو قانت)، هذا على أن تكون الهمزة و "أم" معادلتين، ولا بد من تقدير إحدى المعادلتين، فعلى التخفيف الاستفهام مذكور فيقدر "أم" مذكورة فيقدر. ونظيره، أي: نظير قوله: ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ فتقدر الهمزة، وإليه الإشارة بقوله: "أهذا أفضل أم من هو قانت؟ ". هذا مأخوذ من قول أبي علي: ومن قرأ "أمن" فإن الجملة التي عادلتها "أم" قد حذفت، المعنى: الجاحد الكافر بربه خير أمن هو قانت؟ و "من" موصولة، ودل على الجملة المحذوفة المعادلة لـ"أم" ما جاء بعده من قوله: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ لأن التسوية لا تكون إلا بين اثنين، ومثل هذا الحذف قوله تعالى: ﴿مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ﴾ [النمل: ٢٠] فجمع بين قول أبي علي والزجاج.
قوله: (أفضل الصلاة طول القنوت)، الحديث من رواية مسلم عن جابر: "أفضل الصلاة طول القنوت". ومن رواية الترمذي عنه أيضًا: "قيل: يا رسول الله أي الصلاة أفضل؟ فقال: طول القنوت".