اختاروا الواجب، وكذلك المباح والندب، حراصًا على ما هو أقرب عند الله وأكثر ثوابًا ويدخل تحته المذاهب واختيار أثبتها على السبك، وأقواها عند السبر، وأبينها دليلًا أو أمارة، وأن لا تكون في مذهبك كما قال القائل:
ولا تكن مثل غير قيد فانقادا
يريد المقلد. وقيل: يستمعون القرآن وغيره فيتبعون القرآن. وقيل: يستمعون أوامر الله فيتبعون أحسنها، نحو القصاص والعفو، والانتصار والإغضاء، والإبداء والإخفاء؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [البقرة: ٢٣٧]، ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧١]. وعن ابن عباس: هو الرجل يجلس مع القوم فيسمع الحديث فيه محاسن ومساو، فيحدث بأحسن ما سمع ويكف عما سواه. ومن الوقفة من يقف على: (فبشر عبادي)، ويبتدئ: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ﴾، ويرفعه على الابتداء، وخبره ﴿أُولَئِكَ﴾.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولا تكن مثل عير قيد فانقادا)، أوله:
شمر وكن في أمور الدين مجتهدًا
أي: لا تكن في مذهبك مقلدًا واختر أقوى المذاهب. الانتصاف: ملأ كتابه من الاعتزال، وهو يظن أه قد أجاد فلا مطمع في رجوعه عن تقليده ونسأل الله العصمة.
قوله: (ومن الوقفة من يقف)، وفي "التيسير": قرأ أبو شعيب: "فبشر عبادي الذين" بياء مفتوحة في الوصل، ساكنة في الوقف. وقال أبو حمدون وغيره عن اليزيدي: مفتوحة في الوصل، محذوفة في الوقف. وهو عند قياس قول أبي عمرو، وفي اتباع المرسوم عند الوقف. والباقون يحذفونها في الحالين. وفي "المرشد": إن جعلت ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ﴾ صفةً لـ ﴿عِبَادِي﴾ لم تفصل بينهما ووقفت على قوله: ﴿أَحْسَنَهُ﴾ ثم تبتدئ ﴿أُولَئِكَ﴾ مبتدأ،


الصفحة التالية
Icon