بمعنى التكرير والإعادة، كما كان قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك: ٣] بمعنى: كرة بعد كرة، وكذلك: لبيك وسعديك، وحنانيك. فإن قلت: كيف وصف الواحد بالجمع؟ قلت: إنما صح ذلك؛ لأن الكتاب جملة ذات تفاصيل، وتفاصيل الشيء هي جملته لا غير، ألا تراك تقول: القرآن أسباع وأخماس، وسور وآيات، وكذلك تقول: أقاصيص وأحكام ومواعظ مكررات، ونظيره قولك: الإنسان عظام وعروق وأعصاب؟ إلا أنك تركت الموصوف إلى الصفة؛ وأصله: كتابًا متشابهًا فصولًا مثاني. ويجوز أن يكون كقولك: برمة أعشار، وثوب أخلاق. ويجوز أن لا يكون ﴿مَثَانِيَ﴾
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا بلي، "ولا يتشان" تأكيد له، أو من: تفه الشيء؛ إذا قل وحقر، أي: هو معظم في القلوب أبدًا، وقيل: معنى"التشان": الامتزاج بالباطل من الشنانة وهي: اللبن المذيق.
وقلت: روينا عن علي رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إنها ستكون فتنة" قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: "كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو الحبل المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن حتى قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبًا يهدي إلى الرشد فآمنا به، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم". أخرجه الترمذي والدارمي.
قوله: (برمة أعشار)، الجوهري: البرمة: القدر. وبرمة أعشار: إذا انكسرت قطعًا.
وقلت: أعشار: جاء على بناء الجمع، كما قالوا: رمح أقصاد، وثوب أخلاق، إذا كانت الخلوقة فيه كله، كما قالوا: أرض سباسب، وبرمة أعشار. وعن بعضهم: وهي التي تسع