ومشاده، وإذا عنت له حاجة تدافعوه، فهو متحير في أمره سادر، قد تشعبت الهموم قلبه وتوزعت أفكاره، لا يدرى أيهم يرضى بخدمته، وعلى أيهم يعتمد في حاجاته؛ وفي آخر قد سلم لمالك واحد وخلص له، فهو معتنق لما لزمه من خدمته، معتمد عليه فيما يصلحه، فهمه واحد وقلبه مجتمع، أي هذين العبدين أحسن حالًا وأجمل شأنًا؟ والمراد: تمثيل حال من يثبت آلهة شتى، وما يلزمه على قضية مذهبه من أن يدعى كل واحد منهم عبوديته، ويتشاكسوا في ذلك ويتغالبوا، كما قال تعالى: ﴿وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ﴾ [المؤمنون: ٩١]، ويبقى هو متحيرًا ضائعًا لا يدرى أيهم يعبد، وعلى ربوبية أيهم يعتمد، وممن يطلب رزقه، وممن يلتمس رفقه، فهمه شعاع، وقلبه أوزاع؛ وحال من لم يثبت إلا إلهًا واحدًا، فهو قائم بما كلفه، عارف بما أرضاه وما أسخطه، متفضل عليه في عاجله، مؤمل للثواب في آجله. و ﴿فِيهِ﴾ صلة ﴿شُرَكَاءَ﴾، كما تقول: اشتركوا فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومشاده)، الأساس: وهو مشدوه؛ مشغول مدهوش، وهو في مشاده: في مشاغل.
قوله: (سادر)، الجوهري: السادر: المتحير.
قوله: (فهمه شعاع)، الجوهري: رأي شعاع، متفرق. ونفس شعاع، تفرقت هممها.
قوله: (وقلبه أوزاع)، الأساس: وزع المال والخراج توزيعًا: قسمه، وبها أوزاع من الناس: ضروب متفرقون. تقول: ذهبت نفسه شعاعًا ولحمه أوزاعًا. أوزاع: جمع صورة لا واحد له.
قوله: (و ﴿فِيهِ﴾ صلة ﴿شُرَكَاءُ﴾، هذا يدل على أن الظرف مع اعتماده يجوز أن يكون غير عامل فيما بعده بل متعلقًا به، ويجوز أن يكون خبرًا له، كما ذهب إليه صاحب "المفتاح" في قوله:
كأنه علمٌ في رأسه نار


الصفحة التالية
Icon