بأن السيئ الذي يفرط منهم من الصغائر والزلات المكفرة، هو عندهم الأسوأ لاستعظامهم المعصية، والحسن الذي يعملونه هو عند الله الأحسن؛ لحسن إخلاصهم فيه، فلذلك ذكر سيئهم بالأسوأ وحسنهم بالأحسن. وقرئ: (أسواء الذي عملوا) جمع سوء.
[﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن الأصم: أن {مِنْ﴾ للتبعيض، والمعنى إذ اتبتم يغفر لكم الذنوب التي هي الكبائر، وأما الصغائر فلا كلام في غفرانها.
وعن المصنف: أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله يغفر له، فكيف ولم نهاجر وعبدنا الأوثان؟ فنزلت: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾، وقصة وحشي تذكر بعد هذا، ولعل افتقار ما في الآية إلى البيان ليس كافتقار المثال إليه؛ لأن قوله: ﴿لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ مناد بأن لهم ما يفتقر إلى التكفير لا سيما وقد أردف بقوله: ﴿أَسْوَأَ﴾، فأي فائدة في قوله: ﴿الَّذِينَ عَمِلُوا﴾ غلا ما ذهبنا إليه.
وإلى معنى الآية ينظر ما رويناه عن النسائي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أسلم العبد وحسن إسلامه كتب الله له حسنة كان يزلفها، وحيت عنه كل سيئة كان أزلفها، وكان بعد ذلك القصاص كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنه".
النهاية: أزلفها: أي: قدمها وأسلفها، والأصل فيه: القرب والتقدم، وسيجيء في سورة "حم السجدة" في قوله: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [فصلت: ٢٧] ما يشد بعضد هذا التقريب.