..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وثانيها: بحيث يقطع الضوء عن الظاهر والباطن، وهو الموت.
وثالثها: بحيث يقطع عن الظاهر دون الباطن، وهو النوم.
فثبت أن الموت والنوم يشتركان في كون كل واحد منهما توفي الأنفس، ويمتاز أحدهما بخواص معينة، ومثل هذا التدبير العجيب لا يمكن صدوره إلا عن القادر العليم الحكيم، ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾.
وفي ألفاظ النبوي ما روينا في "صحيح البخاري" عن أبي قتادة قال: سرنا مع النبي ﷺ فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله، قال: "أخاف أن تناموا عن الصلاة"، قال بلال: أنا أوقظكم، فاضطجعوا، فغلبت عينا بلال فنام، فاستيقظ النبي ﷺ وقد طلع حاجب الشمس، فقال: "يا بلال، أين ما قلت؟ " قال: ما ألقيت علي نومة مثلها قط. قال: "إن الله قبض أرواحكم حين شاء، وردها عليكم حين شاء" الحديث.
وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ في دعاء النوم: "باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين".
وروي عن لقمان أنه قال لابنه: "يا بني، كما أنك تنام ثم تستيقظ، كذلك تموت ثم تحيا". قاس الموت بالنوم فكانا موتتين.
الراغب: توفية الشيء: بذله وافيًا، واستيفاؤه: تناوله وافيًا. قال عز وجل: ﴿وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ﴾ [آل عمران: ٢٥]، قد عبر عن الموت والنوم بالتوفي، قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها﴾، وقوله تعالى: ﴿يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران: ٥٥] فقد قيل: توفي رفعة واختصاص، لا توفي موت.