وعن الربيع بن خثيم، وكان قليل الكلام: أنه أخبر بقتل الحسين رضي الله عنه، وسخط على قاتله، وقالوا: الآن يتكلم، فما زاد على أن قال: آه أو قد فعلوا؟ ! وقرأ هذه الآية. وروي: أنه قال على أثره: قتل من كان ﷺ يجلسه في حجره ويضع فاه على فيه.
[﴿ولَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ومِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ العَذَابِ يَوْمَ القِيَامَةِ وبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ ٤٧ - ٤٨]
﴿وبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ﴾ وعيد لهم لا كنه لفظاعته وشدته، وهو نظير قوله في الوعد:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عليه، أي: أبلغت وأديت ما عليك، بقي الآن على من هو أحكم لحاكمين هو وحده يحكم بينهم.
وثالثها: تسلية له صلوات الله عليه؛ لأنه كان حريصًا على إيمان القوم، ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ﴾ [الكهف: ٦]، وهذه الآية كالمتاركة والموادعة واليأس من إيمانهم، واليأس إحدى الراحتين.
ورابعها: وعيد لهم، ولا وعيد بعده، وقوله: ﴿فَاطِرَ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ﴾ دل على القدرة التامة، وقوله: ﴿عَالِمَ الغَيْبِ والشَّهَادَةِ﴾ على العلم الشامل، وأنه عالم بما ظهر منهم وما بطن، فيجازيهم عليها، وقوله: ﴿أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ﴾ على القضاء الحق والحكم العدل، والله أعلم.
قوله: (كما قال: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾)، لم يرد أنه مثله في المشاكلة، بل أنه مثله في إطلاق السبب على المسبب.
قوله: (وعن الربيع بن خثيم)، وفي "سير السلف": هو: الربيع بن خثيم الكوفي، وهو من العباد السبعة، مات سنة ثلاث وستين.