الكفر أشد مما تمقتونهن اليوم وأنتم في النار إذ أوقعنكم فيها باتباعكم هواهن." وعن الحسن: لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم، فنودوا: ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ﴾. وقيل: معناه: لمقت الله إياكم الأن أكبر من مقت بعضكم لبعض، كقوله: ﴿يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ [العنكبوت: ٢٥]. و ﴿إذْ تُدْعَوْنَ﴾: تعليل. والمقت: أشد البغض، فوضع في موضع أبلغ الإنكار وأشده. ﴿اثْنَتَيْنِ﴾: إماتتين وإحياءتين. أو:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وليس فيه من الاعتراض سوى الرق بين المصدر ومعموله بالأجنبي، وهو "أكبر" الذي هو الخبر، وهو جائز؛ لأن الظروف يتسع فيها.
قوله: (و ﴿إذْ تُدْعَوْنَ﴾ تعليل)، وإنما جعله تعليلًا لا ظرفًا في هذا الوجه؛ لأنهم لم يمقتوا أنفسهم حين دعوا إلى الإيمان، وإنما مقتوها في النار، وعند ذلك لا يدعون إلى الإيمان، قاله أبو البقاء صاحب "الكشف"، وقالا: إذا بطل هذان الوجهان علمت أنه متعلق بمضمر دل عليه قوله: ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ﴾ أي: مقتكم الله حين دعيتم إلى الإيمان فكفرتم.
وقلت: ولا ارتياب في تعسفه، والأحسن ما قدره مكي، حيث قال: والعامل فيه"اذكروا" أي: اذكروا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون، ونحوه: ﴿وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ [القلم: ٤٢ - ٤٣]. قال المنصف: (وهو تحسير لهم وتنديم على ما فرطوا فيه حين دعوا إلى السجود وهم سالمو الأصلاب ممكنون مزاحو العلل).


الصفحة التالية
Icon