والقنوط، وإنما يقولون ذلك تعللًا وتحيرًا؛ ولهذا جاء الجواب على حسب ذلك، وهو قوله: ﴿ذَلِكُمْ﴾ أي: ذلكم الذي أنتم فيه، وأن لا سبيل لكم إلى خروج قط بسبب كفركم بتوحيد الله وإيمانكم بالإشراك به ﴿فَالْحُكْمُ لِلهِ﴾ حيث حكم عليكم بالعذاب السرمد. وقوله: ﴿الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ دلالة على الكبرياء والعظمة، وعلى أن عقاب مثله لا يكون إلا كذلك، وهو الذي يطابق كبرياءه ويناسب جبروته. وقيل: كأن الحرورية أخذوا قولهم: لا حكم إلا الله، من هذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل إلى نجد وصول.... أو على الخيف نزول؟
أي: إن هذا الأمر غلب فيه اليأس على الطمع.
الإنصاف: ليس المثال مطابقًا لما في الآية؛ لأن "خروج" و"سبيل" نكرتان، أي: ليس طريق من الطرق إلى نوع من الخروج، وفي الشعر: "الخيف" و"نجد" معرفتان، لكن حصل اليأس من أحد الأمرين.
وقلت: يكفي في التشبيه أن يقابل: "وصول" و"نزول" وهما نكرتان بقوله: "سبيل" في إرادة الإبهام والشيوع، وأما اليأس فحاصل من المفهوم بحسب المقام، على أن الآية خلت مما يدل على أحد الأمرين، نعم الآية أبلغ؛ لأن الشيوع فيها في "خروج" و"سبيل" معًا. وله أن يقول: إن الشاعر لم يرد بـ"نجد" و"الخيف" الموضعين بعينهما، بل إنه قصد به اليأس من حصول الوصول إلى المحبوب في أي مكان كان، دل عليه ذكر المكانين، كما دل ذكر الزمانين على عموم الأزمتة في قوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ٦٢].
قوله: (على حسب ذلك)، أي: ذلك الكلام الذي صدر عن اليأس والقنوط.
قوله: (ذلكم الذي أنتم فيه، وأن لا سبيل لكم إلى خروج)، جعل المشار إليه ما دل عليه قوله: ﴿فَهَلْ إلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ﴾ مع ما يتصل به من كلامه السابق، وهو قوله: ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ﴾.
قوله: (كأن الحرورية أخذوا قولهم: لا حكم إلا الله من هذا)، الجوهري: حرورا: اسم