[﴿وأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إذِ القُلُوبُ لَدَى الحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ ولا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ ١٨]
الآزفة: القيامة، سميت بذلك لأزوفها، أي: لقربها. ويجوز أن يريد بـ ﴿يَوْمَ الآزِفَةِ﴾: وقت الخطة الآزفة؛ وهي مشارفتهم دخول النار، فعند ذلك ترتفع قلوبهم عن مقارها فتلصق بحناجرهم، فلا هي تخرج فيموتوا، ولا ترجع إلى مواضعها فيتنفسوا ويتروحوا، ولكنها معترضة كالشجا، كما قال تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الملك: ٢٧]. فإن قلت: ﴿كَاظِمِينَ﴾ بما انتصب؟ ؟ قلت: هو حال عن أصحاب القلوب على المعنى؛ لأن المعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين عليها. ويجوز أن يكون حالًا عن القلوب، وأن القلوب كاظمة على غم وكرب فيها مع بلوغها الحناجر، ، وإنما جمع الكاظم جمع السلامة؛ لأن وصفها بالكظم الذي هو من أفعال العقلاء، كما قال تعالى: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ [يوسف: ٤]، وقال: {فَظَلَّتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (معترضة كالشجا)، الجوهري: أشجاه يشجيه إشجاء: إذا أغصه. يقال: شجي _ بالكسر _ يشجى شجى.
قوله: (كما قال: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الملك: ٢٧]، مثال لقوله: (وهي مشارفتهم دخول النار)، فعند ذلك ترتفع قلوبهم عن مقارها.
قوله: (وأن القلوب كاظمة على غم وكرب)، أي: تبقى القلوب كالساكت الممتلئ قلبه غمًا وغيظًا. قال صاحب "الكشف": نسبة الكظم إلى القلب كنسبة الكتابة إلى اليد.
وقال: معنى "كاظمين" متوقفين عن كل شيء إلا عما دفعت إليه من فكرها فيه، كذلك قوله: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ [آل عمران: ١٣٤] المتوقفين عما يدعو إليه الغضب.