تمويهًا على قومه، وإيهامًا أنهم هم الذين يكفونه، وما كان يكفه إلا ما في نفسه من هول الفزع. ﴿أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ﴾: أن يغير ما أنتم عليه، وكانوا يعبدونه ويعبدون الأصنام/ بدليل قوله: ﴿وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ﴾ [الأعراف: ١٢٧]. والفساد في الأرض: التفاتن والتهارج الذي يذهب معه الأمن وتتعطل المزارع والمكاسب والمعايش، ويهلك الناس قتلًا وضياعًا، كأنه قال: إني أخاف أن يفسد عليكم دينكم بدعوتكم إلى دينه، أو يفسد عليكم دنياكم بما يظهر من الفتن بسببه. وفي مصاحف أهل الحجاز: (وأن يظهر) بالواو، ومعناه: إني أخاف فساد دينكم ودنياكم معًا.
وقرئ: ﴿يُظْهِرَ﴾ من: أظهر. و ﴿الْفَسَادَ﴾ منصوب، أي: يظهر موسى الفساد. وقرئ: ٠ يظهر) بتشديد الظاء والهاء، من تظهر، بمعنى تظاهر، أي: تتابع وتعاون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكانوا يعبدونه ويعبدون الأصنام)، قال المصنف: كان فرعون يقول: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤] فكيف عبد الصنم وذلك قوله: ﴿وَيَذَرَكَ وَآَلِهَتَكَ﴾ [الأعراف: ١٢٧] فأجاب بأنه أمر بنحت الأصنام وبأن تجعل شفعاء لهم عنده، كما كانوا يقولون: ﴿شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨] فأضافوا الآلهة إليه بهذا المعنى.
قوله: (وضياعًا)، الجوهري: ضاع الشيء يضيع ضيعةً وضياعًا -بالفتح- أي: هلك.
قوله: (وفي مصاحف أهل الحجاز: "وأن يظهر" بالواو)، قال صاحب "التيسير": وقرأ بها عاصم وحمزة والكسائي. وقال الزجاج: وفي مصحف أهل العراق: "أو أن" على معنى: إني أخاف أن يبطل دينكم البتة، وإن لم يبطله أوقع فيه الفساد. وعلى الواو: أخاف إبطال دينكم والفساد معه.
قوله: (وقرئ: ﴿يُظْهِرَ﴾)، نافع وأبو عمرو وحفص، والباقون: بفتح الياء والهاء.


الصفحة التالية
Icon