الجدال، و ﴿يَطْبَعُ اللَّهُ﴾ كلام مستأنف، ومن قال: كبر مقتًا عند الله جدالهم، فقد حذف الفاعل، والفاعل لا يصح حذفه. وفي ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾ ضرب من التعجب والاستعظام لجدالهم، والشهادة على خروجه من حد أشكاله من الكبائر. وقرئ: (سلطان) بضم اللام. وقرئ: (قلب) بالتنوين. ووصف القلب بالتكبر والتجبر، لأنه مركزهما ومنبعهما، كما تقول: رأت العين، وسمعت الأذن، ونحوه قوله عز وجل: ﴿فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، وإن كان الآثم هو الجملة. ويجوز أن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنه يجوز تقديم التمييز على الفاعل، وليس في جوازه خلاف.
قوله: (فقد حذف الفاعل، والفاعل لا يصح حذفه)، قيل: فيه نظر. قال أبو البقاء: يجوز أن يكون الخبر ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾، أي: كبر قولهم مقتًا.
وقلت: وإذا جاز في قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ﴾ [القيامة: ٢٦] ذلك، وقد قال: الضمير في ﴿بَلَغَتِ﴾ للنفس، وإن لم يجر لها ذكر؛ لأن الكلام الذي وقعت فيه يدل عليها. وتقول العرب: أرسلت، أي: السماء، يريدون: جاء المطر، فلأن يجوز هذا لدلالة ﴿الَّذِينَ يُجَادِلُونَ﴾ على جدالهم أحرى. وقوله: "كلام مستأنف" كأنه لما قيل: ﴿كَبُرَ مَقْتًا﴾ مثال جدال الذين يجادلون في آيات الله، قيل: فما يفعل الله بهم إذن؟ قيل: يطبع الله على قلوبهم، فوضع ﴿كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ﴾ موضع الضمير إشعارًا بأن المجادل في آيات الله بغير علم متكبر جبار.
قوله: (وقرئ: "قلب")، بالتنوين: أبو عمرو وابن ذكوان، والباقون: بغير تنوين.
قوله: (ونحوه قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣])، أي: كما أسند الإثم إلى