﴿زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ﴾، والمزين: إما الشيطان بوسوسته، كقوله: ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ﴾ [النمل: ٢٤]، أو الله تعالى على وجه التسبيب؛ لأنه مكن الشيطان وأمهله، ومثله: ﴿زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ﴾ [النمل: ٤]. وقرئ: (وزين) له (سوء عمله) على البناء للفاعل، والفعل لله عز وجل، دل عليه قوله: ﴿إلَى إلَهِ مُوسَى﴾؛ و (صد) بفتح الصاد، وضمها، وكسرها، على نقل حركة العين إلى الفاء، كما قيل: قيل. والتباب: الخسران والهلاك. وصد: مصدر معطوف على ﴿سُوءُ عَمَلِهِ﴾، وصدوا هو وقومه.
[﴿وقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وإنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ﴾ ٣٨ - ٣٩]
قال: ﴿أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ فأجمل لهم، ثم فسر فافتتح بذم الدنيا وتصغير شأنها؛ لأن الإخلاد إليها هو أصل الشر كله، ومنه يتشعب جميع ما يؤدي إلى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طلب ما لا يمكن حصوله، نحو: : ليت الشباب يعود. قال الزجاج: المعنى: لعلي أبلغ الذي يؤديني إلى إله موسى، وإنما قلت هذا على دعوى موسى، لا أني على يقين من ذلك.
قوله: (على نقل حركة العين إلى الفاء)، أي: أصله: صدد؛ مجهولًا، نقل كسرة الدال إلى الصد، وصد يجوز أن يكون لازمًا أو متعديًا. والفعل لفرعون، أي: صد الناس عن الإيمان، ويجوز أن يكون الفاعل الله تعالى، أي: صده الله عن إبطال أمر موسى، وقيل: عن نبأ الصرح.
قوله: (والتباب: الخسران والهلاك)، الراغب: التب والتباب: الاستمرار في الخسران. يقال: تبًا له وتب له وتببته، إذا قلت له ذلك، ولتضمن الاستمرار قيل: استتب لفلان كذا، أي: استمر. و ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: ١] أي: استمرت في الخسران.