والرشاد: نقيض الغي. وفيه تعريض سبيه بالتصريح أن ما عليه فرعون وقومه هو سبيل الغي.
[﴿مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إلاَّ مِثْلَهَا ومَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ ٤٠]
﴿فَلا يُجْزَى إلاَّ مِثْلَهَا﴾؛ لأن الزيادة على مقدار جزاء السيئة قبيحة؛ لأنها ظلم، وأما الزيادة على مقدار جزاء الحسنة فحسنة؛ لأنها فضل. قرئ: ﴿يَدْخُلُونَ﴾، و (يدخلون). ﴿بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ واقع في مقابلة ﴿إلاَّ مِثْلَهَا﴾، يعني: أن جزاء السيئة لها حساب وتقدير؛ لئلا يزيد على الاستحقاق، فأما جزاء العمل الصالح فبغير تقدير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال: "وإنهم قومه وعشيرته، ونصيحتهم عليه واجبة، وسرورهم سروره، وغمهم غمه"، ثم إدخال الفاء الفصيحة بعد الفراغ من النصيحة تتميم للمقصود، يعني: لما فرغ من النصيحة قصدوا إهلاكه ومكروا وهموا بتعذيبه، فوقاه الله مما هموا به، ورجع كيدهم إلى نحورهم.
قوله: (والرشاد: نقيض الغي)، الراغب: الرشد والرشد: خلاف الغي، يستعمل استعمال الهداية، قال تعالى: ﴿لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: ١٨٦] وقال بعضهم: الرشد -بالفتح- أخص؛ فإن الرشد -بالضم- يقال في الأمور الدنيوية، وبالفتح في الدنيوية والأخروية، والراشد والرشيد يقال فيهما.
قوله: (﴿يَدْخُلُونَ﴾ و"يدخلون")، ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر: "يدخلون"؛ بضم الياء وفتح الخاء، والباقون: بفتح الياء وضم الخاء.
قوله: (فأما جزاء العمل الصالح فبغير تقدير)، قال القاضي: ولعل تقسيم العمال، وجعل الجزاء اسمية مصدرة باسم الإشارة، وتفضيل الثواب لتغليب الرحمة، وجعل العمل عمدة والإيمان حالًا؛ للدلالة على أنه شرط في اعتبار العمل، وأن ثوابه أعلى من ذلك.