لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئًا} أي: تبين لنا أنهم لم يكونوا شيئًا، وما كنا نعبد بعبادتهم شيئًا، كما تقول: حسبت أنّ فلانًا شيء فإذا هو ليس بشيء؛ إذا خبرته فلم تر عنده خيرًا. ﴿كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ﴾ مثل ضلال آلهتهم عنهم يضلهم عن آلهتهم، حتى لو طلبوا الآلهة أو طلبتهم الآلهة لم يتصادفوا، ﴿ذلِكُمْ﴾ الإضلال بسبب ما كان لكم من الفرح والمرح ﴿بِغَيْرِ الْحَقِّ﴾ وهو الشرك وعبادة الأوثان، ﴿ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ﴾ السبعة المقسومة لكم، قال الله تعالى: ﴿لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾ [الحجر: ٤٤]، ﴿خالِدِينَ﴾: مقدّرين الخلود ﴿فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ عن الحق المستخفين به مثواكم، أو جهنم: فإن قلت: أليس قياس النظم أن يقال: فبئس مدخل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عَنَّا} غابوا عنا، لا على أن يكونوا معهم في سائر الأوقات؛ إلا أنهم لما لم ينفعوهم فكأنهم ضلوا على طريق المشاكلة، وإليه الإشارة بقوله: "حتى لو طلبوا الآلهة أو طلبتهم الآلهة لم يتصادفوا"، وإنما ركب هذا المتعسف؛ لأن إسناد الإضلال إلى الله غير جائز عنده؛ وإلا فالمعنى على التذييل.
وقال محيي السنة: كما أضل هؤلاء يضل الله الكافرين. والقاضي: مثل هذا الإضلال يضل الله الكافرين حتى لا يهتدوا إلى شيء ينفعهم في الآخرة. وذهب هذا عن صاحب "التقريب" حتى تبع المصنف فيه.
قوله: (مثواكم أو جهنم)، إشارة إلى أن المخصوص بالذم هذا أو ذاك؛ لأن ﴿الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ إذا كان من وضع المظهر موضع المضمر للعلية بدليل قوله: ﴿ادْخُلُوا﴾، كان التقدير: فبئس المثوى مثواكم، وإذا كان عامًا ليدخلوا فيه دخولًا أوليًا كان التقدير: فبئس المثوى جهنم.
قوله: (أليس قياس النظم أن يقال: فبئس مدخل)، حين صدر الكلام بلفظ ﴿ادْخُلُوا﴾ ناسب أن يجاء في العجز بـ"مدخل" ليتجاوبا؟ وأجاب: إنما لم يناسبه إذا اكتفى بقوله:


الصفحة التالية
Icon