بين الحق والباطل. أو فصل بعضها من بعض باختلاف معانيها، من قولك: فصل من البلد، ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ نصب على الاختصاص والمدح، أي: أريد بهذا الكتاب المفصل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن بعضهم: لم ينقل في "المنتقى" و"الموضح" بالتخفيف. وقلت: ولا في "المحتسب".
قوله: (أو فصل بعضها من بعض) أي تباعد، عطف على "فرقت" يدل عليه قوله: فصل من البلد. ومعنى هذه القراءة على هذا التقدير يرجع إلى المشهورة فصلت ميزت وجعلت تفاصيل، لكن الأول يحتاج إلى سبق مجمل وتقدم مبهم مختلط بحق وباطل.
قال القاضي: ولعل افتتاح هذه السور السبع بـ ﴿حم﴾ وتسميتها به؛ لكونها مصدرة ببيان مشاكله في النظم والمعنى. وإضافة التنزيل إلى الرحمن الرحيم للدلالة على أنه مناط المصالح الدينية والدنياوية.
وقلت: ولذلك اشتركت في أن اقترن كل منهما بذكر الكتاب وجعل ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ نصبًا على الاختصاص والمدح أو حالًا، وعلل بقوله: ﴿لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ أي يعلمون ما نول عليهم من الآيات المفصلة المبينة لا يلتبس عليهم شيء منه.
قال أبو البقاء: ﴿كِتَابٌ﴾ أي هو كتاب، ويجوز أن يكون مرفوعًا بـ ﴿تَنْزِيلٌ﴾ أي: نزل كتابًا، ﴿قُرْآنًا﴾ حال موطئة من ﴿آيَاتِهِ﴾ ويجوز أن يكون حالًا من ﴿كِتَابٌ﴾ لأنه قد وصف.
قوله: (فصل من البلد) روي عن المصنف أنه قال: أصله: فصل نفسه، فطرحت العرب نفسه وتناسته، كقولهم: نزع عن الأمر نزوعًا، وأصله: نزع نفسه. ولهذا قال أبو نواس:
وإذا نزعت عن الغواية فليكن.... لله ذاك النزع لا للناس
لامحًا الأصل المتروك.


الصفحة التالية
Icon